ملف .. زلزال النفط يهدد بخسائر 2.2 تريليون دولار للاقتصاد العالمى
هزّت التراجعات الحادة لأسعار النفط فى الأيام الأخيرة أركان الاقتصاد العالمى .. وباتت دول عديدة فى مرمى الخسائر .. وبينما يتمدد التراجع فى أسعار النفط الخام لتربو نسبته على 50% بالمقارنة بمستوياتها فى يونيه الماضى،تشير البيانات المتاحة إلى أن خسائر التراجعات قد تصل إلى 2.2 تريليون دولار،على أساس سنوى، لاسيما فى ظل التوقعات بأن تصل الأسعار إلى 50 دولار للبرميل خلال 2015.
وأوضح تقرير نُشر بموقع بلومبرج ،أن أسعار خام برنت سيقل ليصل إلى 50 دولار للبرميل انخفاضًا من 115.71 دولار للبرميل في يونيو بهذا العام .
وانهارت العقود الآجلة لخام البرنت في الأسابيع التي تلت قرار منظمة الدول المصدرة للنفط “الأوبك” بالحفاظ على الإنتاج برغم بلوغ إنتاج الولايات المتحدة أقصى مراحله منذ ثلاثة عقود مما أحدث فائضًا عالميًا من النفط، وانخفاض الأسعار بشكل كبير.
تقديرات الخسائر
وبالنظر إلى الإيرادات التى حققتها الدول المنتجة للنفط ،فطبقًا للبيانات المعلنة بلغت 3.8 تريليون دولار ،وذلك بنهاية يونيه الماضى، على أساس سنوى، وذلك يوضح أن تراجع أسعار النفط بنسب قد تصل إلى 60% ،بحسب توقعات بلومبرج، من شأنه أن يهدد الدول المنتجة للنفط بتراجع فى الايرادات بقيمة 2.2 تريليون دولار.
وكانت مجلة بزنس إنسايدر الأمريكية، قد قدرت خسائر الدول النفطية جراء تراجع أسعار النفط عالميا بنحو 1.5 تريليون دوﻻر ،وذلك فى تقرير نشرته فى الثامن من ديسمبرالجارى قبل استمرار التراجعات بشكل حاد، مشيرة إلى أن هذه الخسائر فادحة للغاية وقد تقلص اﻹنفاق الرأسمالي العالمي لصناعة النفط.
وقالت المجلة اﻷمريكية إن التراجع الحاد في سعر برنت والبالغ نسبته 40% منذ يونيو (وقت إعداد تقرير مجلة إنسايدر) أسهم في تقليص تلك الإيرادات بنسبة تُقدر بـ 1.5 تريليون دولار على أساس سنوي، مشيرة إلى أن ذلك سيؤدي إلى خفض مستوى توافر السيولة النقدية اللازمة لتمويل عمليات استخراج النفط في الولايات المتحدة .
أهم الخاسرون
ويأتى على رأس الخاسرون جراء تراجع أسعار النفط عالميًا روسيا والتى هبطت عملتها “الروبل” أمام الدولار واليورو اليوم الثلاثاء في الجلسة المسائية في موسكو، حيث بلغ سع الصرف 80 روبلا للدولار و100 روبل لليورو لأول مرة.
وتعد روسيا المنتج الأول للنفط الخام عالميًا ،وقد بلغ إنتاج النفط لديها خلال التسعة أشهر الأولى من العام الجارى 392.9 مليون طن بنسبة نمو 0.7%.
ويواجه الاقتصاد الروسي في المرحلة الراهنة تحديات صعبة بانخفاض أسعار النفط ، مما يشكل عبئا يضاف إلى أعباء العقوبات الغربية والأزمة الأوكرانية، خاصة أن عائدات النفط تشكل ركيزة أساسية من ركائز الاقتصاد الروسي.
كما تتأثر دول مجلس التعاون الخليجى بشكل كبير نتيجة تراجع أسعار النفط، حيث تشكل العائدات النفطية لدول مجلس التعاون 46% من الناتج المحلي الإجمالي،ومن ثم فإن التراجع من شأنه أن يحدث ضغوطًا اقتصادية كبيرة على هذه الدول،وقد برزت التأثيرات السريعة والمبدأية فى تهاوى البوصات بشكل كبير ( بورصتا دبي والسعودية تقودان إنهيارات المؤشرات الخليجية)
ورغم أن السعودية تحتفظ بحوالي 750 مليار دولار من الاحتياطي الأجنبي، كما تمتلك كل من الكويت والإمارات، وهما من بين الدول الأعضاء في أوبك، احتياطي يقدر بنحو 100 مليار دولار فيما بينهما، بحسب ،لكنها تعتمد بصورة كبيرة على إيرادات النفط في تمويل الدعم الخاص باستثمارات البنية التحتية بمستويات تزيد بكثير عن الإيرادت المتحققة من القطاع النفطي عند مستوياته الحالية، ومن ثم فإن طول فترة انخفاض الأسعار سوف ينعكس عليها حتما بالسلب.
الرابحون
ويعد انخفاض أسعار النفط مكسبًا كبيرًا للبلدان المستهلكة، متمثلة بكبرى الاقتصادات العالمية مثل الولايات المتحدة ومنطقة اليورو واليابان والصين.
ويقدر محللون إن ما ستكسبه الدول المستوردة ،نتيجة انخفاض النفط، سيرفع نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بمقدار 0.7%
وتحصل الشركات كذلك على هامش أكبر وتتحسن القدرة الشرائية للمستهلكين ،فأسعار الوقود في محطات الوقود الفرنسية، على سبيل المثال في أدنى مستوى منذ أربع سنوات.
ويقول باتريك ارتوس – الاقتصادي لدى مؤسسة كاتيكسيس- إن منطقة اليورو يمكنها بفضل تراجع أسعار النفط أن تستفيد من الأثر الإيجابي لتراجع اليورو على صادراتها من دون أن تتأثر بسبب ارتفاع أسعار الواردات ، وأن تأمل كسب نصف نقطة في ناتجها المحلي الإجمالي خلال سنتين.
ويشير معهد كو ركومنس إلى هبوط فاتورة الطاقة الفرنسية بخمسة مليارات يورو على الأقل خلال 2014، موضحا أن الصناعة هي الرابح الرئيسي ويتوقع أن تكسب ملياري يورو، أي أكثر من التسهيلات الضريبية من أجل تشجيع تنافسية التوظيف، التي تعتمدها الحكومة الفرنسية أساساً للإنعاش الاقتصادي.
مصر بين الربح والخسارة
ورغم أن مصر ستكسب كثيرًا نتيجة تراجع أسعار النفط ،حيث كانت الحكومة قد حددت قيمة استيراد النفط اللازم فى الموازنة العامة بنحو 100 دولار للبرميل وبقيمة اجمالية 16 مليار دولار خلال العام المالى الجارى 2014 -2015 ، ونتيجة لتراجع النفط فستوفر الدولة ،بحد أدنى، ما يترواح بين 4 إلى 6 مليارات دولار خلال العام.
(خبير : تراجع النفط يوفر 40 مليار لمصر .. وخسائر البورصة بسبب الشائعات)
لكن ثمة تأثيرات سلبية تتمثل فى ارتفاع قيمة الأموال الساخنة،حيث يضطر البنك المركزى لتوفير قيمة تخارج الأجانب والعرب من سوق المال بالعملة الأجنبية ،ومع خروج قيمة كبيرة من الاستثمارات العربية والأجنبية فإن ذلك سيمثل ضغطًا على الحكومة التى تعانى من تراجع احتياطى النقد الأجنبى والذى وصلت قيمته إلى نحو 16 مليار دولار.
يضاف إلى ذلك فإن إيرادات الدولة من السياحة الروسية ستتأثر بشدة ،نتيجة انخفاض قيمة الروبل الروسى، وتراجع عدد كبير من راغبى السفر الروس إلى مصر عن قراراتهم.
قال حسام الشاعر ،رئيس غرفة شركات السياحة، إنه من المتوقع أن تشهد حركة السياحة الوافدة من روسيا إلى مصر خلال الفترة المقبلة تراجعًا حادًا مع انخفاض العملة الروسية مقابل الدولار، مقترحا أن تقوم السلطات بإلغاء قيمة تأشيرة الدخول للسائح الروسى لمدة الشهور الستة المقبلة، والتى تبلغ 25 دولار لكل سائح، لتحفيز السياحة الروسية أسوة بدولة منافسة اتخذت نفس الإجراء وهى تركيا.
تحليل خاص CNA ( أحمد الحسينى – انجى نجيب – محمد أدم)