مقال| متى نتوقف عن الاقتراض من الخارج؟
تمكن الاقتصاد المصري، خلال فترة تقترب من العام ونصف العام، من استعادة دفة تدفقات النقد الأجنبي بعد أن كانت قد انفلتت منه بشكل مُقلق في سنوات ماضية نتيجة انكماش إيرادات العملة الصعبة من كافة القطاعات.. لكن ومع السيطرة على زمام الأمور كان التوقع أن تبدأ الدولة تدريجيًا تقليل الاعتماد على الاستدانة الخارجية في تدبير العملة الأجنبية.. إلا أن ما تقوم به الحكومة حاليًا يعكس إلى حد كبير أن هذا الاتجاه لم يبدأ بعد.
وقد نجحنا مؤخرًا في تقليص عجز الميزان التجاري بزيادة الصادرات (ولو نسبيًا) وتقليص الواردات.. كما عززنا من الاستثمارات الأجنبية الواردة للسوق والتى بلغت 8 مليارات دولار ( استثمارات مباشرة) ونحو 20 مليار دولار استثمارات في الأوراق المالية .. كذلك ارتفعت تحويلات المصريين من الخارج لتصل إلى 24 مليار دولار خلال عام.. تمكّنا أيضًا من إعادة الحركة السياحية بعد أزمة الطائرة الروسية، بل إن التوقعات تشير إلى أن القادم أفضل فيما يتعلق بايرادات القطاع السياحي خاصة مع انطلاق الرحلات الروسية في 12 ابريل المقبل.
ورغم التحسن المتواصل في كافة المؤشرات.. إلا أن الاتجاه للاقتراض من الخارج لم يتغير .. فتُعلن وزارة المالية ،الأسبوع الماضي، أنها بصدد طرح سندات جديدة باليورو واختارت ،في سبيل ذلك، 4 بنوك دولية للقيام بمهام إدارة وترويج الإصدار .. يأتي ذلك بعد طرح سندات دولارية بقيمة 4 مليارات دولار نهاية فبراير الماضي .. في الوقت نفسه تلقت البلاد مليار دولار من البنك الدولي كشريحة أخيرة من قرض تنموي.
الاقتراض من الخارج رغم أنه كان ضرورة ملحة في أعقاب تحرير سعر الصرف، حيث كان السوق يعاني بشدة نتيجة شح النقد الأجنبي في الجهاز المصرفي، إلا أنه الآن يفتح باب التساؤل .. متى ستبدأ الحكومة تقليص الاستدانة الخارجية لاسيما وأن حجم الدين الخارجي قد تجاوز الـ 80 مليار دولار وأصبح يمثل نحو 40% من الناتج المحلي الاجمالي؟.
نعم إن حجم الدين الخارجي في الوقت الراهن في الحدود الآمنة ، وقد أعلنت الحكومة مرارًا وتكرارًا عن التزامها بسداد كافة المستحقات الخارجية دون تأخير.. لكن زيادة الدين بشكل كبير في الفترة الأخيرة والاستمرار في الاقتراض وطرح السندات الخارجية، دون الإعلان عن خطة متكاملة للتعامل مع هذه الديون، أو حتى النقطة التي ستبدأ عندها الحكومة التوقف أو الحد من الاستدانة الخارجية، أمر يفتح الباب ليتسرب القلق.
CNA– مقال بقلم،، أحمد زغلول، الكاتب الصحفي المتخصص في الشأن الاقتصادي