مقال| لماذا يرفض “المركزى” إنشاء بنك لنجيب ساويرس؟
لا يتوقف رجل الأعمال “نجيب ساويرس” عن المطالبة بأن يكون له بنكًا تجاريًا فى السوق المحلية، رغم الرفض القاطع لهذه المسألة منذ ما يزيد على العشرة أعوام .. وقد أعاد “ساويرس” طلبه أمام الرئيس عبد الفتاح السيسى بمنتدى شباب العالم فى شرم الشيخ، مؤكدًا على رغبته فتح بنك خاص به فى مصر، لمساندة المشروعات الصغيرة ورواد الأعمال.
وهنا لابد أن يكون واضحًا أن طلب “ساويرس” لإنشاء بنك ليس بالأمر الجديد فهو يكرره منذ فترة.. وقد طالب بالدخول ضمن المنافسين لشراء بنك القاهرة حينما عرضته الحكومة للبيع فى عام 2008، إلا أن طلبه قوبل بالرفض من البنك المركزى ومحافظه وقتها د.فاروق العقدة.
ورفض تملّك الأفراد أو رجال الأعمال للبنوك لا تفرضه أهواء شخصية أو تعنت تجاه شخص بعينه .. إلا أن تجربة البنوك التى يمتلكها رجال أعمال أو عائلات فى مصر كانت قد تسببت فى أخطر المشكلات للجهاز المصرفى، وأدت إلى انهيار و”تهلهل” بنوك كثيرة فى فترة ما قبل الاصلاح المصرفى (برنامج الاصلاح المصرفى بدأ فى 2003)، حيث قام أصحاب البنوك باستخدام ودائع العملاء لإقراض الأقارب والمحاسيب طبقًا للأهواء الشخصية بعيدًا عن القواعد الائتمانية التى يفرضها البنك المركزى..
وثمة تجارب بنكية فى مصر حين النظر إليها فإنها تدفع تجاه التشدد فى منع رجال الأعمال أو العائلات من السيطرة على البنوك، وما حدث في بنوك ”النيل” و”مصر اكستريور” و”الاهرام” وغيرها يعد دليلا على فشل هذا النوع من المصارف.
حيث استطاع مُلّاك البنوك سابقة الذكر من خلال سيطرتهم على الادارة في هذه البنوك الانفراد بالقرارات الائتمانية دون الالتزام بالقواعد الفنية أو ضوابط البنك المركزي وخضعت حركة أموال المودعين في هذه البنوك للأهواء الشخصية وهو الأمر الذي تجسد في القضية الشهيرة بنواب القروض والتي تورطت فيها أربعة بنوك.
وتمثلت أزمة الملكية العائلية للمصارف فيما حدث لبنك مصر اكستريور حيث استطاعت عائلة ”الهواري” التي كانت تمتلك نسبة تزيد على 30% من رأسمال البنك ولها عضوان في مجلس الادارة أن تحصل على قروض تزيد على رأسمال البنك بالكامل بلا ضمانات ولم تستطع السداد رغم أن تعليمات البنك المركزي المصري وقتها كانت تلزم إدارة أى بنك بعدم منح أكبر من 10%من المحفظة الائتمانية لعميل واحد وتحظر حصول المديرين أو أعضاء مجالس ادارات البنوك على اي قروض من هذه البنوك.
ونظرًا لحرص الدولة ممثلة فى البنك المركزى على أموال المودعين وسلامة الجهاز المصرفى فقد كان حظر تملك الأفراد للبنوك هو الحل الأمثل، وقانون البنوك القائم حاليًا والصادر برقم 88 الصادر فى عام 2003 شدد على مبدأ رفض تمليك البنوك للأفراد، ونظمت المواد من (49 ) إلي (55 ) من القانون والمواد من (12) إلي (16 ) من اللائحة التنفيذية لهذا القانون قواعد وإجراءات تملك حصص في رؤوس أموال البنوك وكذلك حالات رفض طلب التملك بوضع نسب تملك محدده لا ينبغي تجاوزها الأمر الذي يتم متابعته من خلال الإدارة للتأكد من الالتزام بما ورد بالقانون في هذا الشأن.
ونصت المادة 50 أنه على كل شخص طبيعى أو اعتبارى يملك ما يزيد على (5%) من رأس المال المصدر لأى بنك وبما لايجاوز (10%) منه أن يخطر البنك المركزى بذلك خلال خمسة عشر يومًا على الأكثر من تاريخ إتمام التملك ، طبقا للنموذج الذى يعده البنك المركزى لهذا الغرض ، فإذا كان هذا التملك قد تم قبل العمل بهذا القانون تحسب المدة اعتبارا من تاريخ العمل به .
كما نصت المادة 51 أنه لا يجوز لأى شخص طبيعى أو اعتبارى أن يتملك ما يزيد على (10%) من رأس المال المصدر لأى بنك أو أية نسبة تؤدى إلى السيطرة الفعلية عليه ، إلا بعد الحصول على موافقة مجلس إدارة البنك المركزى ، طبقا للضوابط التى تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون ، ويقع باطلا كل تصرف يخالف ذلك .
وفى تطبيق أحكام هذه المادة يقصد بالسيطرة الفعلية للشخص الطبيعى أو الاعتبارى أن يكون مالكا لأية نسبة من شأنها تمكينه من تعيين غالبية أعضاء مجلس إدارة البنك أو التحكم على أى نحو فى القرارات التى يصدرها مجلس إدارته أو التحكم فى القرارات التى تصدر عن جمعيته العامة.
ويجدر بالذكر هنا أن البنك المركزى يمتنع عن إصدار أيّة تراخيص لإنشاء بنوك جديدة منذ سنوات، ويقصر فقط طريقة امتلاك بنك على عمليات الاستحواذ، فى حالة رغبة أحد البنوك فى بيع وحدته أو التخارج من السوق، ويشترط فى الجهة المستحوذة أن تكون مؤسسة مصرفية كبرى، وليست أفرادًا أو شركات تعمل فى مجالات أخرى غير القطاع المالى والمصرفى، وهو فى ذلك يهدف إلى تقوية الجهاز المصرفى، وإضافة المزيد من الخبرات إليه.
CNA– مقال بقلم،، أحمد زغلول، كاتب صحفى متخصص فى الشأن الاقتصادى