مقال| فرص نجاح الصندوق السيادي المصري
على غير المألوف والمعتاد فيما يتعلق بإطلاق الصناديق السيادية، تُعلن الحكومة عن اعتزامها إنشاء صندوق للتنقيب عن الثروة بحثًا عن تحقيق فوائض مالية.. وليس لإدارة فوائض موجودة بالفعل كما هو سائد عالميًا ..
والمتعارف عليه أن فكرة الصناديق السيادية طُرحت ،في الأساس، من أجل إدارة الفوائض المالية الكبيرة التي تحققها الدول النفطية في الغالب .. وقد كان إنشاء أول صندوق سيادي في دولة الكويت عام 1953، وانتشرت بعدها هذه الصناديق بشكل كبير ليصبح ما تديره من أموال بحسب أخر البيانات التقديرية المتاحة 6.5 تريليون دولار.
ووجود فوائض مالية كبيرة تحت تصرف “الصناديق السيادية” هو أحد أهم ركائز نجاحها لأنه ببساطة يضمن لها القدرة على اقتناص الفرص الاستثمارية، إلا أن ذلك لا يعنى أن إنشاء صناديق ليست ذات ملاءة مالية كبيرة محكوم عليه بالفشل .. ففرص النجاح موجودة لكن التحديات ستكون كبيرة والمسئوليات أثقل، وهو الأمر الذي يفرض أن تُقدّم الدولة كافة التسهيلات الممكنة لإنجاح هذه التجربة .التى تمثل سُلالة جديدة من الصناديق السيادية.
وإن كنا نتحدث عن التسهيلات والإمكانيات التي لابد أن تتاح لإنجاح الصندوق السيادي المصري .. فيأتي على رأسها إختيار “الإدارة” الكُفء .. وثمّة ضرورة قصوى لإخراج إدارة الصندوق من عباءة الحكومة .. فلا يمكن بأى حال من الأحوال أن تكون إدارة الصندوق من الموظفين الحكوميين، أو أن يُفرض عليه نفس شروط الحد الأقصى للأجور ونفس نظام التعيينات .. وذلك حتى لا يتحول إلى شركة حكومية جديدة تكبلها القواعد البيروقراطية، وتكون النهاية إضافة كيان جديد إلى قائمة الكيانات التي تحاصرها المشكلات.
فالاستعانة بإدارة خاصة يُترك لها حرية التصرف، في إطار يحدده القانون طبقًا للممارسات المعمول بها عالميًا في مثل هذا النوع من الكيانات الاستثمارية أمر أساسي للنجاح.
كذلك فإن فرض معايير تضمن الشفافية في معاملات وصفقات الصندوق يعد من الأمور الأساسية، ففي غياب الشفافية اللازمة تبرز مخاطر تفشي الفساد، ونضرب مثالا هنا بصندوق “وان.ام.دي.بي” الماليزي الذي يواجه اتهامات خطيرة تتعلق بغسل الأموال في 6 دول على الأقل .. وأتصور أنه من الضروري أن يخضع الصندوق لضوابط هيئة الرقابة المالية التي تتطور يومًا تلو الآخر لإحكام الرقابة على الاستثمارات المالية، حيث يضمن ذلك تصويب مسار الصندوق في حالة الدخول في استثمارات قد تنطوي على مشكلات أو لا تتماشي مع صالح السوق.
وإلى جانب خصخصة الإدارة وضمان الشفافية في التعاملات .. وبما أن أحد أهداف الصندوق هو إدارة والتصرف في الأصول غير المستغلة .. فيجب نقل ملكية الشركات الخاسرة والأصول المملوكة للدولة إليه بالشكل الذي يمكّنه من التصرف فيها وهيكلتها، وأن يتم نقلها بقيم تحددها مكاتب تقييم محايدة، حتى لا يكون المطلوب من الصندوق أن يحقق عوائد كبيرة على هذه الأصول.. وهي في الأساس آلت إليه بتقييمات مُالبغ فيها، فلا يتمكن من الوصول إلى الهدف المطلوب.
CNA– مقال بقلم،، أحمد زغلول