مقال.. توقعات أسعار الفائدة في مصر بعد مراجعة صندوق النقد
رغم ارتفاع درجة حرارة الجو فى القاهرة خلال الأسبوع الأخير من مايو والأسبوع الاول من يونيو ، إلا ان ذلك لم يحل دون الإعلان عن نجاح المراجعة الثالثة ،التى قامت بها وأتمتها -على خير- بعثة صندوق النقد الدولى فى القاهرة.
وبحسب بيان رئيسة البعثة فإن مصر قد حققت خطوات جادة وملموسة فى اطار المتطلبات والمؤشرات الاقتصادية والنقدية والمالية والاجتماعية التى سبق الالتزام بها مع الصندوق.
وقد توصل خبراء مصر والصندوق إلى اتفاق يمهد لمصر الحصول على الدفعة المستحقة عن المراجعة الثالثة بقيمة 820 مليون دولار بموجب اتفاق “تسهيل الصندوق الممدد البالغ ثمانية مليارات دولار وذلك بالطبع بعد موافقة المجلس التنفيذى للصندوق خلال الايام القريبة القادمة ..
ويمكن القول أنه باجتياز مصر المراجعة الثالثة ، تبرز على السطح حقيقيتين هامتين :
اولهما : أن مصر قد قطعت خطوات إيجابية وملموسة ، وفقاً لبرنامج الاتفاق المبرم والمنسق مع الصندوق ، الأمر الذى يعنى أن مصر قد أتمت فعلاً عدة إجراءات وسياسات نقدية ومالية على مستوى الاقتصاد الكلى ، كان من أهمها التحرير الكامل لسعر الصرف ، والذى يضمن مرونة تدفق النقد الاجنبى بشكل طبيعى خروجا ودخولا عبر شرايين الجهاز المصرفى.
وتم رفع أسعار الفائدة بغرض تقليل الطلب على القروض ، وبالتالي تقليل الإنفاق الاستهلاكي والاستثماري، مما يساعد على خفض الضغوط التضخمية ، الاستمرار فى تقليل السيولة في النظام المالي عن طريق تقليل حجم الإقراض المصرفي وسحب الفوائض المالية من السوق ، تحسين إدارة الدين العام ، وتقليل الاعتماد على تمويل العجز من خلال الاقتراض، مما يمكن أن يسهم في تخفيف الضغط على الأسعار.
وأيضا اتخاذ إجراءات تضمن استقرار المؤسسات المالية والقطاع المصرفي، و تنفيذ إصلاحات هيكلية لتحسين الكفاءة الاقتصادية وزيادة القدرة الإنتاجية، مما يعزز الثقة في الاقتصاد ويقلل من الضغوط التضخمية .
ثانيهما : ورغم أن هذه السياسات قد حسنت من الصورة الايجابيه الحالية والمستقبلية إلا انه مازالت هناك عدة ملاحظات من أهمها :
1- أن تلك السياسات والإجراءات تهدف الى استقرار الاقتصاد المصرى ولكن يجب أن يتم تنفيذها بحذر لتجنب آثار سلبية على النمو الاقتصادي واستقرار الأسواق، ومعدلات التوظيف .
2- الاهمية القصوى فى ضرورةً توسيع قدرة القطاع الخاص على النمو ، والتركيز على دور اكبر للقطاع الخاص وإعادة هيكلة و هندسة القطاع العام.
3- أنه على الرغم من ملاحظة تشديد السياسة النقدية إلا ان التضخم قد يحتاج لمزيد من استمرار التشديد النقدى ، لأن معدل التضخم رغم تباطؤه فى الشهور الأخيرة إلا انه مازال بعيداً عن مستهدفاته.
وهناك احتمالات لتولد ضغوط تضخمية جديدة بسبب خفض او الغاء بعض شرائح من الدعم السلعي وفقاً للخطط الموضوعة .
4- إيجاد حيز مالي أكبر للاستثمار في رأس المال البشري، من خلال الإنفاق على الصحة والتعليم إلى جانب الإنفاق الاجتماعي المستهدف، وتعزيز إدارة الدين المحلي، واحتواء المخاطر المالية .
5- حماس اكبر فى تحريك برنامج الطروحات وتحفيز الاستثمار المباشر .
فى ضوء ماسبق نتوقع ان تكون مسار السياسة النقدية خلال الفترة القصير القادمة :
1- توقع ارتفاعات فى معدل التضخم على اساس شهرى وسنوي فى حدود 2%.
2- مزيد من تقييد السياسة النقدية ، ومن المحتمل أن يكون هناك رفعاً جديدا فى معدل الفائدة ما بين مائة و مائتين نقطة اساس فى الاجتماع القادم للجنة السياسة النقدية الموقرة.
3- استمرار تجفيف فائض السيولة عن عمليات السوق المفتوحة الأسبوعية مع البنك المركزى .
4- استقرار سعر الصرف مع تغيرات عرضية خفيفة وفقاً لظروف العرض والطلب .
5- توقع حكومة قوية تدير الاقتصاد بحلول حاسمة لديها الخبرة والقدرة على العمل فى ظروف الأزمات والصدمات ، وتتوافق مع المخاطر الجيوسياسية والجيو إقتصادية الراهنة والمحيطة بنا اقليميا وعالمياً.
CNA– مقال بقلم،، محمد عبد العال، الخبير المصرفي المصري