مقال| النبّوت.. والكتابة على البنكنوت
لم ينقطع حبل الجدل بشأن ما تم تداوله باعتباره قرارًا رسميًا من البنك المركزى بحظر تداول النقود الورقية المشوهة بكتابات كالشعارات والعبارات والاختام وغيرها.. حيث أثار الأمر لغطًا كبيرًا حول كيفية تنفيذ ذلك الحظر ومصير العملات المكتوب عليها لدى المواطنين، هل سيتم استبدالها.. أم أنها أصبحت ممنوعة من التداول؟!
وواقع الأمر والمؤكد أن البنك المركزى لم يصدر قرارًا رسميًا بالحظر، لأنه لو أصدر مثل هذا القرار لكان قد أعلن عن تفاصيل كيفية التعامل مع النقود المشوهة التى فى حوزة المواطنين، ولكان قد أخطر البنوك بمنع التعامل بهذه النقود وهو ما لم يحدث..
أما الحقيقة فإن ما قام به “المركزي” هو تحذير شديد اللهجة.. فقط رفع “نبّوته”.. أو أشهر كارتًا أصفر لإيقاف مهزلة تشويه العملة من قبيل “تفاهة” البعض أو محاولات آخرين تحويلها إلى أداة دعائية أو غيرهم متربصين بالدولة أرادوا استغلال العملات كوسيلة للتحريض.
ومغزى التحذير الذى أطلقه البنك المركزي.. أنه قادر على حظر تداول هذه العملات فى أى لحظة أو اتخاذ ما يراه مناسبًا.. فلديه من الصلاحيات ما تجعل هذا الأمر رهن تصرفه وقراره.. والحقيقة أن ثمة دوافع كثيرة يمكن أن تضطره إلى إيقاف تداول هذه العملات، على رأسها أن الكتابة على الأوراق النقدية تقلل من عمرها الافتراضى ما يكلّف الدولة الملايين لطباعة بديل عن التالف.
كما أن أحد الأسباب التى يمكن أن تدفعه لاتخاذ هذا القرار هو أن الكتابة على العملات تقلل من كفاءة العناصر التأمينية والعلامات المائية الموجودة عليها.. ما يجعل من ترويج العملات المزيفة أمرًا سهلًا.. حيث تتم الكتابة على مواضع العناصر التأمينية فى العملة المزيفة.. ومن ثم فسيصعب كشفها بسهولة وهو ما يمثل تهديدًا للاقتصاد الوطني.
أما كتابة ما يعد تحريضًا على الدولة أو خرقًا للقانون.. فذلك مجرّم بالأساس.. أى أن العملات التى يتم تشويهها بعبارات أو شعارات تحريضية يمكن أن تدفع حاملها إلى المثول للمحاكمة.. وعليه فلا بد ألا يتم قبول هذه الأوراق النقدية فى تعاملاتنا، لأن الذى سيكون فى موضع المسئولية هو حاملها أو المتعامل بها.
وبصفة عامة فلا بد أن نبتعد عن الكتابة على النقود أو التعامل بعملات مشوّهة بعبارات أو شعارات، حيث يمكن أن يتم إيقاف التعامل بها فى أى وقت.. حيث وجه البنك المركزى تحذيره، وقد يلجأ إلى الحظر إذا ما رأى ضرورة ذلك.
وقد لا يكون القرار المرتقب حظرًا، حيث يمكن أن يكون غرامة مالية كبيرة مثلما تم إقرار ذلك مؤخرًا فى الإمارات، فقد أقرت إمارة «ابوظبي» غرامة لإتلاف أو تشويه العملة قيمتها 10 أضعاف النقود التى تم إتلافها أو تشويهها أو 1000 درهم أيهما أكبر.
كما كانت السعودية، قد أقرت عقوبة السجن والغرامة المالية على كل من يتعمد تشويه أو تغيير معالم العملة المتداولة، إما بالتشويه وإما بالتمزيق وإما بالغسل بالمواد الكيميائية، أو إتلافها بأى وسيلة، حيث يعاقب القانون هناك على هذا الفعل بالسجن لمدة تصل إلى 5 سنوات وغرامة 10 آلاف ريال.
CNA– مقال بقلم،، أحمد زغلول، كاتب صحفي متخصص في الشأن الاقتصادي