مقال| التأثيرات المتوقعة لإلغاء الدولار الجمركي
فى خطوة قد تكون غير متوقعة ،ولكنها من المؤكد مدروسة التأثي، محسوبة التوقيت، أعلنت وزارة المالية الغاء ما يسمى “الدولار الجمركى” ، بما يعنى العودة إلى تقدير الرسوم الجمركية المقررة على السلع المستوردة – دون تمييز – على أساس قائمة أسعار العملات المعلنة من البنك المركزى المصرى يومياً .
ومن المعروف انه منذ تحرير سعر الصرف فى نوفمبر ٢٠١٦ ، حرصت السياسة المالية المُنسقة تماماً مع السياسة النقدية، على أن يكون سعرالدولار الجمركى يقل عن السعر المعلن فى الجهاز المصرفى،بحوالي جنيهين في البداية.
والغرض كان السعى لخفض تكاليف السلع المستوردة – مرحليا ومؤقتاً – بغض النظر عن كونها سلعاً استراتيجية او غير إستراتيجية ، واستمر هذا الوضع حتى الاول من ديسمبر 2018 حين استحدثت وزارة المالية سعرا جمركيا ثان يطبق على السلع الاستراتيجية فقط ، ويتحدد شهريا من قبل وزارة المالية ، ومع تطبيق الأسعار الحرة على السلع الاخرى غير الاستراتيجية واستمر تطبيق ذلك حتى الاول من سبتمبر الحالى حين صدر قرار وزارة المالية الجديد الذى ألغى كل الاستثناءات الدولارية الجمركية.
ليفرض الإخضاع الفورى لكافة السلع المستوردة بكل أنواعها ومكوناتها ومصادرها وكذا كل المعاملات الجمركية إلى الأسعار الحرة اليومية الصادرة من البنك المركزى .
ولكن هل لهذا القرار ثمة تأثير على بعض المؤشرات المعروفة كمعدل التضخم ، او عجز الموازنة …الخ ؟
مبدئيا هذا القرار نجح فى الغاء التشويه الذى كان قائما فى السوق النقدى بوجود ظاهرة تعدد أسعار الصرف فى نظام نقدى واحد، وهو الامر الذى يتيح درجة أعلى من الاستقرار النقدى على الأقل من الناحية الشكلية.
كما يحقق النظام الجديد شفافية ،ومرونة واستقرار فى آلية تحديد أسعار ومستلزمات الانتاج والسلع المستوردة ، نتيجة التحديث والتوحيد اليومى لاسعار الدولار الجمركى بما يتيح درجة من العدالة فى التسعير.
وايضا يُمكن المستوردين من التقدير المسبق لأسعار سلعهم المستوردة عن طريق العقود الآجلة بما فيها تكلفة الجمارك مقدما ،حيث يمكن وفقا للنظام الجديد تغطية مخاطر تقلبات أسعار العملة لفئات الجمارك بعقود أجلة ،وهو الامر الذى يكون مستحيلا فى حالة وجود سعر للدولار الجمركى يختلف عن السعر الحر السائد فى السوق ومثبت لمدد كانت تطول الى شهر .
كذلك فلن تتاثر أسعار السلع غير الاستراتيجية لاستمرار فئاتها الجمركية كما هى ، فى الوقت الذى سوف ترتفع فيه أسعار السلع الاستراتيجية فوراً بما يعادل الفرق بين سعر الدولار الجمركى القديم والسعر الحالى اى ما يقرب من نصف جنيه.
ونعتقد أن أثر ذلك قد يكون على المدى القصير سلبياً حيث يمكن أن يعوضه النقص فى أسعار ذات السلع عالمياً نتيجة الركود الاقتصادى العالمى وانخفاض أسعار النفط ، ولذات الأسباب نعتقد ان تاثير ذلك القرار يمكن ان بكون أيضاً هامشيا على معدل التضخم فى الأشهر القادمة، خاصة اذا ما استمر الدولار مقابل الجنيه المصرى فى الانخفاض وأستمر انخفاض أسعار الفاكهة والخضروات واللحوم ، لأسباب مختلفة من اهمها نقص الطلب لضعف القوة الشرائية للمستهلكين .
وبناء عليه من غير من المتوقع أن يكون هناك زيادة فورية فى إيرادات وزارة المالية سواء من الرسوم الجمركية او ضريبة القيمة المضافة من جراء هذا القرار على أن يتحقق ذلك بالطبع مستقبلاً.
CNA– مقال بقلم،، محمد عبد العال، الخبير المصرفي وعضو مجلس إدارة البنك العربي