“شينخوا”: ديون مصر الخارجية لازالت آمنة ولا تمثّل سوى 35% من الناتج المحلي
قال محللون وخبراء اقتصاد في تقرير نشرته وكالة شينخوا الصينية، اليوم الثلاثاء، إن ديون مصر الخارجية لازالت في الحدود الآمنة، رغم التوسع في الحصول على تمويلات في الفترة الأخيرة لمواجهة أزمة اقتصادية ناتجة عن اضطراب الأوضاع في العالم.
وطبقًا لتقرير الوكالة، تنوع مصر، مصادر توفير التمويل لمواجهة الأزمة الاقتصادية التي تتعرض لها وتعمل على امتصاص تداعيات هذه الأزمة حتى تحافظ على مقدراتها الاقتصادية، بحسب خبراء اقتصاديين.
ملامح الأزمة
وتواجه مصر أزمة اقتصادية تمثلت أبرز مظاهرها في خروج مليارات الدولارات من الأموال الساخنة (استثمارات الأجانب في أدوات الدين الحكومية) من البلاد، وتراجع الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي، وانخفاض قيمة العملة المحلية، وارتفاع أسعار السلع والمنتجات في السوق المصرية.
الحلول التمويلية
ولجأت الحكومة المصرية إلى وسائل مختلفة لمواجهة هذه الأزمة، هي التقشف والاقتراض (قروض وودائع وسندات) وجذب الاستثمارات، حيث وجه رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي وزارة المالية بالعمل على إعادة هيكلة الموازنة العامة للدولة بما يتسق مع مستجدات الأزمة، داعيا إلى ترتيب الأولويات والتقشف فى الإنفاق.
كما اتفقت القاهرة مع السعودية وقطر والإمارات على مجموعة من الاستثمارات والشراكات في مصر بإجمالي 17 مليار دولار، بحسب وسائل إعلام مصرية وعربية.
بالتزامن، أعلنت السعودية إيداع 5 مليارات دولار لدى البنك المركزي المصري، وذلك في وقت كشفت مصر عن أنها تتشاور مع صندوق النقد الدولي للتعاون حول برنامج جديد يتضمن دعما فنيا ومكونا تمويليا، بحسب مدبولي.
وتعد هذه المرة الرابعة التي تلجأ فيها مصر للاقتراض من الصندوق منذ العام 2016، حيث اقترضت القاهرة من الصندوق 12 مليار دولار اعتبارا من نوفمبر 2016 وعلى مدار 3 سنوات في إطار برنامج “تسهيل الصندوق الممدد”، ثم حصلت على قرض بنحو 2.77 مليار دولار بموجب أداة “التمويل السريع” في مايو 2020، وآخر بقيمة 5.4 مليار دولار بموجب برنامج “الاستعداد الائتماني” في يونيو 2020.
فجوة تمويلية
وقال الخبير الاقتصادي د.وليد جاب الله ، إن مصر تعاني حاليا من فجوة تمويلية ولجأت إلى العديد من المصادر لسد هذه الفجوة منها التعاون مع صندوق النقد الدولي وتدبير ودائع واستثمارات عربية وطرح سندات في السوق اليابانية.
وأصدرت مصر، سندات دولية مقومة بالين في السوق اليابانية بقيمة 60 مليار ين ياباني تعادل نحو نصف مليار دولار، لتكون بذلك أول دولة في الشرق الأوسط تصدر مثل هذه السندات.
وأضاف جاب الله، وهو عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي، أن “مصر تقدم تسهيلات لجذب الاستثمارات الخليجية، كما أنها عضو في صندوق النقد الدولي ولديها تاريخ طويل من التعاون معه ومن الطبيعي أن تدخل في مشاورات مع الصندوق ليقدم لها الدعم الفني والتمويل الذي تحتاجه من أجل عبور الأزمة الحالية”.
وتابع أن “لجوء مصر للصندوق في عام 2016 كان أمرا طبيعيا لإعادة مسار الاقتصاد إلى طريقه الصحيح، لكن اللجوء للصندوق حاليا مرتبط بتداعيات مؤقتة وتعمل مصر على امتصاصها حتى تحافظ على مقدراتها الاقتصادية”.
وأكد أن “لجوء مصر لصندوق النقد يعني أن الاقتصاد المصري أصبح مندمجا مع الاقتصاد العالمي وآلياته تتناسب مع الضوابط التي يقررها الصندوق”.
ورأى أن “الضوابط التي يشترطها صندوق النقد لكي يقوم بمساندة الدول لا تمثل عائقا كبيرا لمصر بعد أن قامت بتحرير أسعار الطاقة والصرف وإجراءات أخرى كثيرة مما أدى إلى اكتساب مصر ثقة الصندوق وكافة المؤسسات الدولية بصورة تجعلها تحصل على التمويل اللازم بصورة سهلة عندما تقتضي الحاجة إلى ذلك”.
وتابع أن مصر تستهدف الحصول على التمويل الأقل تكلفة، وتلجأ إلى العديد من المصادر، وتظل قروض صندوق النقد الأقل تكلفة، كما أن الودائع الخليجية هي قروض منخفضة التكلفة أيضا.
وبلغ الدين الخارجي لمصر في الربع الأول من العام المالي 2021 – 2022 نحو 137.42 مليار دولار، بحسب بيانات البنك المركزي المصري.
ديون مصر الخارجية آمنة
وعن قدرة مصر على تسديد القروض والودائع التي تحصل عليها، قال جاب الله إن “كل قرض ووديعة تحصل عليها مصر من الخارج يمثل عبئا على الدولة لكن لا تزال نسبة الدين الخارجي للناتج المحلي المصري في الحدود الآمنة، حيث تصل إلى نحو 35%من الناتج المحلي الإجمالي”.
وأضاف “كان هناك توجه مصري بالنزول بسقف الدين لكن تداعيات الأزمات الخارجية عرقلت ذلك التوجه ويجب أن ننظر إلى ما تحصل عليه مصر من قروض باعتباره تلبية لحاجة طارئة لكي تسد الفجوة التمويلية وتمر من الأزمات بأقل قدر من الأضرار”.
بدوره، قال الخبير الاقتصادي الدكتور ضياء الفقي إن “خطة مصر الاقتصادية والتنموية تواجه تحديات لأسباب خارجية، ومصر شأنها شأن دول كثيرة لجأت إلى مصادر للتمويل والاقتراض”.
وأوضح الفقي، وهو أمين عام غرفة التجارة المصرية الصينية، أن “لجوء مصر إلى صندوق النقد يكون بحساب لسد الثغرات التمويلية والحفاظ على استمرارية خطط التنمية”.
واستطرد أن ” الاقتراض أيضا من بعض الدول العربية الشقيقة مثل السعودية لا يثير أي قلق لأنه حتى في حالة تأخر السداد يكون هناك تفاوض بين الجانبين”.
ورأى الفقي، أن “أي قروض تمثل عبئا على الاقتصاد”، لكنه وصف القروض التي تحصل عليها مصر من صندوق النقد بأنها “قروض آمنة” خاصة أنها تتميز بانخفاض سعر الفائدة.
وواصل أن “مصر تستطيع أن تسدد قروضها وهو ما حدث في كافة القروض السابقة، ومصر حينما تلجأ إلى هذا النهج فهي تعلم بشكل جيد كيف ستسدد قروضها وتعرف حجم التزاماتها المالية الدولية، ومصر لم تتأخر أبدأ في تسديد أي قرض عليها”.
CNA– الخدمة الاخبارية،، شينخوا