د.محمد العريان يكتب : البنوك المركزية لا يمكنهما التصرف بمفردهما بعد الآن
سواء من خلال إشارات اجتماع مجموعة السبع التى جرت الأسبوع الجارى، أو من خلال نتائج مفاوضات الجولة الأوروبية الأخيرة بشأن اليونان،فإن مسئولين بالدول المتقدمة،وعلى نحو متزايد،أصبحوا يعترفون أن المشاكل الاقتصادية ببلدانهم باتت تتطلب محفزات جديدة ولأجل أطول من الأدوات قصيرة الأجل التى لم تثبت الجدوى المطلوبة.
وقد استغرق هذا الاعتراف وقتًا أطول من اللازم ،وإنطلاقًا من خطط مفصلة وموثقة، و هذه الخطط لا تزال تحتاج وقتًا طويلًا لترجمتها على أرض الواقع.
وقبل اجتماع مجموعة السبع ،أشار عدد من الدول إلى أن هناك سياسات اقتصادية فردية وجماعية تتطلب تطويرًا حتميًا،ومن جانبها حذّرت المانيا من استمرار الاعتماد المفرط على البنوك المركزية،مؤكدة فى الوقت نفسه على ضرورة إجراء إصلاحات هيكلية،وقد حثت اليابان وكندا على استخدام جرأة أكبر فى السياسة المالية، بينما حذرت الولايات المتحدة اليابان من أن تنساق وراء رغبتها فى خفض قيمة الين.
وفى وقت سابق من الأسبوع،خلص شركاء اليونان فى أوروبا أنها تحتاج إلى مزيد من الدعم لتخفيف عبء الديون عن اقتصادها المتداعى،وقال مسئول بصندوق النقد الدولى، إنه كان هناك اتفاق لدى كافة الشركاء أن ديون اليونان لا يمكن تحمّلها،ومن ثم فإنها تحتاج إلى دعم،وأفاد مسئولون من كافة الأطراف أن هناك إتفاقًا على منهجية احتساب وتحديد عبء الدين المطلوب تخفيفه،بل أصبحوا يقبلون بالأمر لأنه الحل للوصول إلى الأهداف،وذلك بغض النظر حتى عن أجل الدين وموعد اسحقاقه الذى قد يصل إلى عام 2060.
وتعكس هذه التطورات البارزة تطورًا فى العقليات، والتحول إلى التفكير الأكثر حسمًا فى الأمور الهيكلية والعالمية،وكان وراء هذا التحول ثلاثة تطورات الأول هو استمرار معدلات النمو الاقتصادية المخيبة للآمال رغم سياسات التحفيز النقدى،وفى حالة اليونان ،وبالنسبة لحزم الانقاذ التى تم تقديمها، فقد جحظت الأعين من القلق بشأن الفوائد التى قد تضع البنك المركزى فى دائرة المخاطر المتزايدة والعواقب غير المحسوبة،كذلك الاعتراف بأن السياسات أصبحت أكثر تعقيدًا ،وهناك المناهضون للنخبة والسياسات التى تنتهجها ،وسط تزايد تراجع الثقة فى الحكومات والقطاع الخاص.
ومع هذا التفكير ، فلابد من تنفيذ الاصلاحات الهيكلية الداعمة للنمو، والاصلاحات الضريبة مع التقشف المالى،وذلك لتخفيف عبء الديون، والتعاون بشكل أكثر فعالية بين السياسات العالمية،ومع ذلك فإن ترجمة زيادة الوعى الجماعى إلى أعمال ذات مصداقية أمر لايزال غير مكتمل بل ومحبط.
CNA – جانب من مقال لـ د.محمد العريان (الخبير الاقتصادى البارز)
ترجمةً عن newsmax