بالتفاصيل| كيف اختلس مسئولو شركة بترول مليار دولار وأين هربوها؟
لم يكن يخطر ببال عدد من صغار موظفى الحسابات بإحدى شركات البترول الكبرى أن يكونوا سببًا فى كشف أكبر قضية اختلاس تشهدها البلاد، إذ اكتشف موظف مصادفة وجود عجز فى ميزانية الشركة بقيمة 18 مليون جنيه، ولم يكن ليكتشف ذلك فى الظروف العادية نظراً للتلاعب في الدفاتر والفواتير الرسمية.
وإنما اتضح العجز أَثناء محاولة الموظف وآخرين مقارنة الإيرادات والمدفوعات الخاصة بالشركة مؤخراً، ومقارنتها بمثيلاتها قبل عامين لتتضح الفجوة، ثم توالت الفضائح بتجاوز المبالغ المستولى عليها فعلياً 1000 مليون دولار، أي مليار دولار، وليس 18 مليون جنيه، بما يعادل 18 مليار جنيه مصري.
وطبقًا لمسئولين فإن الموظفين المعنيين بالمقارنة المالية لميزانيات الشركة للأعوام الثلاثة الأخيرة، اكتشفوا عجزاً مالياً وشكلوا جهة تحقيق إدارية لدراسة الأمر للوقوف على حقيقة الأرقام لإنهاء مهمتهم بإعداد المقارنة المالية المطلوبة.
واتضح للمحاسبين والموظفين وجود خلل ما في قيم واردات وصادرات الشركة، إلا أن الشركة تعمل في المقام الأول بتوريد البترول والطاقة دولياً من أَثناء بيع واستيراد كميات وأحجام كبيرة من الطاقة وبيعها للدول، لكن بدا حجم التداول أَثناء العامين الماضيين مريباً مع المقارنة بأوقات سابقة.
وكانت المفاجأة أن مستندات الشركة جميعها تحمل أرقاماً واحدة وممنهجة لا تبرر وجه العجز “18 مليون جنيه”، بما حال دون الوقوف منها على حقيقة الأمر، وهنا اضطر أعضاء اللجنة الإدارية إلى مخاطبة الشركات الدولية التي يتم التعامل معها سواء باستيراد البترول والطاقة منها أو التوريد إليها، لمعرفة حجم الواردات التي اشترتها الشركة وأسعارها والكميات المصدرة، وهنا توالت المفاجآت.
وتبين لموظفى الفحص من الشؤون القانونية والحسابات بالشركة وجود تلاعب وتزوير في تسجيل الكميات والأسعار بدفاتر الشركة، يختلف تماماً مع واقع الكميات والأموال المتداولة فعلياً، ما دفع موظفي اللجنة إلى المبادرة بإبلاغ النائب العام وإخطار الأجهزة الرقابية دون استئذان كبار مسؤولي الإدارة بالشركة.
وبالوقوف على المستندات التى تحصل عليها الموظفون ومقارنتها بمستندات الشركة، اكتشفت النيابة العامة اختلاس وتهريب مليار دولار، وتحويلها إلى حسابات بنكية خارج البلاد، ووجود توافق بين رئيس مجلس إدارة الشركة والعضو المنتدب للشركة والمدير المالي لها على ارتكاب تلك الجرائم المسلسلة، نظير ربحهم الشخصي، إذ إن الفارق الضخم بين حجم الطاقة المتداول فعلياً والمسجل بالأوراق ذهب إلى حسابات بنكية خارج البلاد في دول لا يوجد تعاون قضائي واتفاقات تبادل مجرمين معها.
وأمر النائب العام المستشار نبيل صادق بمنع مسئولين بشركة البترول من السفر والتحفظ على أموالهما ومنعهما من التصرف فيها لتورطهما في اختلاس مليار دولار من الشركة.
وقررت النيابة العامة منع كل من المتهم الأول وهو محمد الأنصاري وزوجته وأولاده القصر، والمتهم الثاني وهو محمد فرحات وزوجته، مؤقتاً من التصرف في أموالهم الشخصية، سواء كانت أموالاً نقدية أو منقولة أو أسهما أو صكوكا مملوكة لهم بالبنوك والشركات وغيرها وأموالهم العقارية الشخصية.
وأمرت النيابة بتشكيل لجنة ثلاثية من البنك المركزي، وهيئة الرقابة المالية، لفحص كافة المعاملات المالية للمتهمين فترة عملهما بالشركة.
وكشفت تحريات الأجهزة الأمنية، قيام المتهمين بالاستيلاء على أموال الشركة واختلاسها خلال الفترة من عام 2014 إلى 2016 عن طريق التزوير والتلاعب في أوراق وحسابات الشركة، من خلال كميات الغاز والمواد البترولية التي يتم توريدها ونقله.
وتبين من التحقيقات أن المتهم الأول في القضية التي تم خلالها اختلاس مليار دولار من شركة بترول أَثناء عامين فقط وتحويلهما للخارج، هو نجل صحفى مصري شهير تولى رئاسة تحرير إحدى الصحف الحكومية الكبرى، أَثناء فترة التسعينات.
CNA– الخدمة الاخبارية