أحمد زغلول يكتب: فساد “الجواميس”
يحوي سجل الفاسدين في بلدنا قصصًا يصعب أن يصدقها أطفال صغار لافتقادها المنطق .. لكن ، ويالا العجب، فهناك مسئولين استطاعوا أن يصدقوا بل ويهضموا هذه القصص، ليمر إلى جوارهم الفاسدون يحملون في أياديهم وفوق رؤوسهم ما سرقوا وما نهبوا دون أن يلتفت إليهم أحد.
وتظل المشروعات الإنتاجية الحكومية مطمعًا لأصحاب النفوس الضعيفة من الموظفين والمسئولين عنها لتكون مصدر ثراء لهؤلاء الفاسدين وعبئًا على الدولة والمواطن.. وهنا لا نقلل أبدًا من دور هيئة الرقابة الإدارية التي تعمل حاليًا بكامل طاقتها لمواجهة الفاسدين .. لكن لابد من مساعدة “الرقابة” بتعيين مسئولين يقظين في كل دوائر المسئولية.. يعلمون كل صغيرة وكبيرة عمّا يديرون لقطع الطريق أمام محاولات الاحتيال والتربح.
وإذا ما نظرنا إلى أحدث قصص الفساد التي تم الكشف عنها .. ستجد نفسك غير مصدق كيف مرّت على مسئولين سابقين ..وستدرك أن يقظة المسئول دائًما هي الأساس للحافظ على مقدرات الدولة ومشروعاتها ..
وفي محافظة اسيوط تم مؤخرًا كشف تفاصيل قضية فساد “عجيبة” حدثت في مشروع الثروة الحيوانية، حيث ظل المشروع عبئًا على ميزانية المحافظة لسنوات طويلة، وخلال السنوات الخمس الماضية ظلت رؤوس الماشية بالمشروع كما هي دون تغير وقد تم إثبات أن كافة المواليد خلال هذه الفترة نفقت ولم يبق منها عجلًا واحدًا.. تخيلوا وقد صدقت الإدارات السابقة بالمحافظة أو كانت مغيّبة أو متواطئة .. كما أن كميات الألبان في ذات المشروع ظلت محدودة ولا تعبر أبدًا عن رؤوس الماشية.
وقد استطاع المسئولون بالمحافظة والذين تولوا زمام الأمور من شهور قليلة أن يكشفوا حجم الفساد الذي لا يصدق بالمشروع، بل وحدثت المعجزة أخيرًا .. فبعد تعميم نظام جديد وإحكام الرقابة على المشروع زادت رؤوس الماشية 120 عجلًا في 3 أشهر ليزيد عدد الرؤوس في المشروع من 700 إلى 820 رأسًا .. تخيلوا حجم الفساد وما تم نهبه.. فعدد هذه الحيوانات بمزارع المحافظة لم يزد عجلًا واحدًا في 5 سنوات .. وزاد في 3 أشهر فقط 120 رأسا ! .. حقًا إنها كانت مزارع لإنتاج فاسدين فلم تنتج عجولًا ..
وزادت كميات الألبان المنتجة من 300 لتر فقط في اليوم إلى 1500 لتر يوميًا يتم طرحها في الأسواق للمواطنين .. أى نحو 45 ألف لتر شهريا ما يعنى ان الفاسدين كانوا ينهبون 36 ألف لتر شهريا.
وبخلاف ما تم عرضه فهناك الكثير من قصص الفساد واستغلال المشروعات الحكومية في المحافظات والتربح منها .. ففي محافظة سوهاج أيضًا يوجد مشروع أنشئ منذ نحو 37 عامًا على مساحة 410 أفدنة لإنتاج الألبان واللحوم.
وكانت قوة المزرعة 1250 رأسا من الأبقار، وكان يبلغ إنتاج المزرعة 12 طنًا من الألبان يوميا، إلا أن قوة المزرعة حاليا تراجعت بسبب الإهمال والفساد إلى 500 رأس فقط منها 200 أبقار حلابة ومعظمها أبقار كبيرة السن ضعيفة الإنتاج، كما أن إنتاجية المزرعة تراجعت إلى طن واحد فقط يوميًا من الألبان، وهذه المزرعة تنتظر صحوة المسئولين لمواجهة ما تعانية من إهمال وفساد.
CNA– مقال بقلم،، أحمد زغلول، كاتب صحفي متخصص في الشأن الاقتصادي