أحمد زغلول يكتب: الانتظار التكنولوجي القاتل
اعتدنا فى نقابة الصحفيين.. كلما تمت الدعوة لجمعية عمومية وانتخابات.. ألا يكتمل النصاب القانونى للجمعية فى المرة الأولى، والتى يكون المطلوب فيها حضور 50% + 1 من الأعضاء، وأن ننتظر موعدًا جديدًا للانتخابات يكون المطلوب فيه حضور 25% فقط.. وفى الموعد الثانى يتم مد ساعات التوقيع لنتمكن بالكاد من إتمام نسبة الحضور المطلوبة.
وقد واجهنا ذلك فى الأيام القليلة الماضية، حيث لم يكتمل نصاب الجمعية العمومية للنقابة، وتم إرجاء الانتخابات إلى 15 مارس الجاري.. وفى العموم لا يقتصر الأمر على نقابة الصحفيين، بل إن أغلب النقابات والشركات والمؤسسات تعانى من المشكلة ذاتها.. والسبب هو أن الجمعيات العمومية تقتضى حضور عدد كبير من الأعضاء فى النقابات والأندية، والمساهمين فى حالة الشركات والمؤسسات المختلفة.
ويشعرنى الوضع- فى الحقيقة- بخيبة أمل، حيث مازلنا نعانى من سياسة الانتظار التكنولوجى القاتلة.. فرغم وجود حلول تقنية متطورة تضمن مشاركة أكبر عدد من المستهدفين فى الجمعيات العمومية وغيرها من الاجتماعات إلكترونيًا دون الحاجة للحضور إلى مكان الاجتماع.. بل ويتم التوسع فى استخدامها بشكل مضطرد فى دول كثيرة، إلا أننا نرحب بهذه الحلول قولًا وننبذها فعلًا..
فتقنية بلوك تشين (سلسلة الكتل) والتى تتعدد استخداماتها وتستفيد بها دول كثيرة ومؤسسات كبرى فى عقد الاجتماعات والجمعيات العمومية، لا نرى لدينا حتى الآن مناقشة جادة لإمكانية الاستفادة بها.
وبشكل مبسط فإن تقنية بلوك تشين.. هى تقنية تسمح بتبادل المعلومات أو إبرام الصفقات إلكترونيًا وحفظها فى سجلات لا يمكن التلاعب فى نتائجها أو اختراقها، ونظرًا لقوتها فقد بُنيت عليها تداولات العملات الرقمية مثل بتكوين وغيرها.. كما بدأت بنوك كثيرة فى العالم إجراء معاملات مصرفية ومالية متنوعة من خلالها، كما سارعت دول كثيرة فى إتاحة هذه التقنية للشركات والمؤسسات لعقد الاجتماعات والجمعيات العمومية إلكترونيًا.
ولو نظرنا إلى تجارب الدول العربية فى هذا الشأن ستبرز «الإمارات» كنموذج يقتدى به.. فقد بدأت بورصة أبوظبى – مثلًا- الاستفادة من تقنية بلوك تشين وإتاحتها للجمعيات العمومية للشركات المقيدة لديها منذ عامين ونصف العام.. وقد كانت النتائج مذهلة..
بصفة عامة فإن «الإمارات» تستهدف الوصول بنسبة التعاملات الحكومية التى تتم عبر تقنية «بلوك تشين» إلى 50% من التعاملات بحلول 2022.. ومن خلال هذه التعاملات تهدف إلى توفير 11 مليار درهم سنويًا كانت تُنفق فى تسجيل وتوثيق المعاملات.. كما ستسهم فى توفير 77 مليون ساعة عمل و389 مليون وثيقة حكومية.. إلى جانب توفير 1.6 مليار كيلو متر من القيادة بالنسبة للسائقين.
والخلاصة.. أن تطبيقات «بلوك تشين» تجتاح العالم.. ومن خلالها يتم توفير الجهد والمال والوقت.. وثمة دول لا تنتظر وتضع خططًا ومستهدفات لتحقيق الاستفادة المثلى من هذه التقنية.. أما لدينا فمازال الأمر مُستغربًا.. فرغم بدء بعض المؤسسات الاستفادة على استحياء من هذه التقنية.. إلا أنه لا توجد خطة متكاملة أو مشروع تتبناه الدولة للاستفادة المثلى من هذه التقنية التى يمكن أن تحدث تغييرًا ايجابيًا كبيرًا.
وعليه فلابد أن تكون هناك آلية تعاون بين مؤسسات الدولة المختلفة لاسيما وزارة الاتصالات وهيئة الاستثمار والبنك المركزى وهيئة الرقابة المالية والبورصة من أجل كسر سياسة الانتظار التى لم نجن منها إلا التأخُّر.
CNA– مقال بقلم،، أحمد زغلول، كاتب صحفي متخصص في الشأن الاقتصادي