محمد عبد العال يكتب: 5 دوافع تحدد مصير الفائدة في مصر
يأتى الاجتماع السابع للجنة السياسة النقدية المنبثقة عن مجلس إدارة البنك المركزى المصرى الموقر – وهو الاجتماع قبل الأخير لهذا العام – يوم الخميس القادم الحادى والعشرين من نوفمبر الحالى ، بخصوص أسعار الفائدة.
يأتى هذا الاجتماع في ظل ظواهر وتوجهات اقتصادية وجيوسياسية محلية ودولية ، تكاد تكون مشابهة للأوضاع التى تلازمت مع قرار اللجنة بإبقاء أسعار العائد دون تغير فى الاجتماعات السابقة ، ولذلك نلاحظ اتفاق معظم الخبراء والمحللين حول توقعات قرار اللجنة القادم ، نحو إبقاء الفائدة على ما هى عليه .
وفى تصورى ان هناك خمسة دوافع محورية و هامه يمكن أن تكون مؤثرة فى فى توجهات إستمرار تثبيت أسعار الفائدة على ما هى عليه ، لهذة الدورة:
أولًا- استمرار ارتفاع حجم السيولة المحلية بشكل مضطرد منذ بداية العام الجارى ، حيث سجلت فى ديسمبر من العام الماضى 8.9 تريليون جنيه وارتفعت فى فبراير من العام الجارى إلى 9.1 تريليون جنيه والى 10.1 ترليون فى ابريل ، والى 10.6 تريليون فى يونيو واستمرت فى الارتفاع لتسجل 10.9 ترليون جنية فى اغسطس وصولا إلى 11.1 تريليون جنيه فى سبتمر من العام الجارى.
ومع استمرار زيادة حجم السيولة المحلية بهذا المعدل المتزايد الامر ، الذى حدى بالبنك المركزى ، أن يعمق من آليه العملية الرئيسية أسبوعياً ، جنبا إلى جنب مع آلية رفع الفائدة ، لمزيد من الضغط لمواجه التضخم ، ولتخفيف السيولة الفائضة لدى البنوك . وذلك فى اشارة مؤكدة الى نيته الاستمرار فى تطبيق سياسة نقدية بالغة التشدد فى المرحلة الحالية .
ثانيًا- المخاطر الجيوسياسية والجيوجغرافية الجديدة والقديمة المتجددة ، والمشتعلة فى منطقة الشرق الاوسط ، ونحن فى قلب وبؤرة هذا الصراع . ففى حال تمددها وتوسع اطرافها – لا قدر الله – فمن المؤكد ان يكون لها تداعيات على خطوط الامداد وبالتالى ارتفاع الاسعار، اى ان هناك مخاوف احتمال تولد ضغوط تضخمية مركبة جديدة تقتضى التوجس منها ..
ثالثًا- الضغوط القائمة علينا من صندوق النقد الدولى باهمية الاستمرار فى اتباع سياسة نقدية ومالية تقييدية لمواجه التضخم ونحن حاليا فى خضم جولة المراجعة الرابعة والتى سوف تسفر عن صرف إستحقاق يبلغ 1.3 مليار دولار .
رابعًا- إستمرار إرتفاع معدل التضخم السنوى للمدن ، الصادر عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء خلال الثلاث شهور الأخيرة ، رغم ان نسبة الارتفاع كانت هامشية ، حيث نجد أن معدل التضخم السنوى قد ارتفع فى شهر اكتوبر إلى 26.5% مقابل 26.4% فقط فى شهر سبتمبر السابق .
على الجانب الآخر هناك العامل المرتبط بخطة الدولة لضبط المالية وترشيد الدعم ، وما يمكن ان يتولد عنه من موجات تضخمية جديدة نتيجة استكمال آثار رفع أسعار الوقود والطاقة . أخذا فى الاعتبار أن معدلات التضخم المسجلة الآن مازالت بعيدة جداً عن مستهدفاتها الموضوعة 7% زائد أو ناقص 2% حتى نهاية العام .
خامسًا- مع افتراض استمرار تثبيت اسعار الفائدة للجنيه المصرى على مستواها الحالى، واستمرار الانخفاض التدريجى فى سعر الفائدة على الدولار الامريكى ، فإن ذلك يمكن أن يعزز من جاذبية الجنيه المصرى فى نظر المتعاملين الاجانب فى الاستثمار المباشر وغير المباشر ، ويحسن من مركزنا التنافسي فى أسوق النقد والمال ، مقارناً بالدول الصاعدة الأخرى.
ويحفز تدفق تحويلات العاملين المصريين فى الخارج ، خاصة مع إعلان البنك المركزى إطلاق خدمة التحويلات اللحظية من خارج مصر، عبر تطبيق إنستا باى ،حيث يستطيع العملاء من كل انحاء العالم إجراء تحويلاتهم اللحظية من خارج مصر الى حساباتهم البنكية أو المحافظ الذكية .
فى ضوء الإعتبارات السابقة يمكن القول ان الاتجاه الأغلب فى ضوء الاوضاع الاقتصادية العالمية ، والمحلية ورغم التوجه العالمى فى أوربا وامريكا للتنازل تدريجياً عن السياسات النقدية المتشددة والتوجه المتدرج الى خفض اسعار الفائدة الا اننا نتوقع ان تتجه لجنة السياسة النقدية المصرية إلى ابقاء اسعار الفائدة كما هى على عليه لدورة اخرىً.
CNA– مقال بقلم،، محمد عبد العال، الخبير المصرفي المصري