مقال.. شهادة بنكية لصغار المدخرين بفائدة 14%
ضجّت الدنيا فى الفترة الأخيرة جراء خفض عوائد شهادات الاستثمار والأوعية الادخارية المختلفة لدى البنوك، حيث تراجعت متوسطات الفائدة المحققة على الشهادات لأجل 3 سنوات (وهى الأكثر رواجًا) إلى 11% بعد أن كانت فى حدود 12% .. وقبلها 15% على شهادات طرحتها البنوك الحكومية فى مارس 2020 بتوجيه من البنك المركزى لتخفيف وطأة تأثيرات “كورونا” على المواطنين.
ولا ننسى أن أسعار الفائدة على الشهادات الادخارية كانت قد وصلت إلى 20% فى أعقاب تحرير سعر الصرف بنهاية 2016، كنتيجة مباشرة لارتفاع معدلات التضخم وقتها إلى ما يربو على 30%.
كما أننا لا ننكر أن قيام البنوك، لاسيما الحكومية، بطرح هذه الشهادات كان له تكاليفه التى تحملتها تلك البنوك رغبة فى إحداث التوازن للسوق، وتماشيًا مع سياسات الدولة وتوجيهات البنك المركزى .. إلا أننا أيضًا نرى ضرورة قيام البنوك فى الوقت الراهن بطرح شهادة تكون مخصصة للمواطنين أصحاب المدخرات الصغيرة وأصحاب المعاشات، حمايةّ لهذه الشريحة من المجتمع.
وهذه الرسالة موجهة إلى البنك المركزى، كونه يستطيع دراسة الأمر، فهناك عدد ليس بالقليل من المواطنين أصحاب معاشات أو ممن يمتلكون مدخرات صغيرة ، هؤلاء يعتمدون بشكل كبير على العوائد التى تحققها مدخراتهم فى البنوك لتسيير أمور معيشتهم، ومع خفض الفائدة أصبح هؤلاء فى مأزق، حيث لا يملكون شجاعة المخاطرة باستثمار أموالهم فى غير الشهادات البنكية كونها لا تنطوى على مخاطر، وتضمن لهم تحقيق عائد شهرى مقبول.
كما أنه نظرًا لقلّة خبرة هذه الشريحة بالاستثمار، وبعد خفض أسعار الفائدة، قام عدد من المحتسبين ضمن دائرتها بإيداع أموالهم لدى محتالى توظيف الأموال، رغبة فى تحقيق عوائد أعلى، ليجدوا أنفسهم فريسة لمن نطلق عليهم “المستريحين” الذين أصبحت أخبارهم لا تنقطع، نظرًا لزيادة عمليات النصب على المواطنين الذين يبحثون عن تحقيق عوائد جيدة على أموالهم.
نحن لا نحمّل البنك المركزى أو البنوك المسئولية عن ذلك، أبدًا، فكل شخص مسئول عن تصرفاته، كما أننا نعلم أن خفض الفائدة يأتى فى ظل تراجع معدلات التضخم إلى مستويات تسمح بمزيد من التخفيض، وهو أيضًا ما ستكون له انعكاساته الايجابية على حركة الاستثمار والاقتصاد بصفة عامة.
إلا أن ما نطرحه مجرد فكرة لدعم هذه الشريحة، فلماذا لا يتم طرح شهادة بالبنوك الحكومية لأصحاب المدخرات التى لا تزيد على 200 أو 300 ألف جنيه مثلًا، ويكون العائد عليها فى حدود 13% أو 14%؟، فى الوقت نفسه يتم تطبيق أسعار الفائدة العادية على الأوعية الادخارية المختلفة لأصحاب المدخرات الأعلى.
وأعتقد أن ذلك سيحقق المرجو منه فى توفير وعاء استثمارى آمن يحقق عائدًا مقبولًا لأصحاب المدخرات الصغيرة، وفى الوقت نفسه فلن يتسبب ذلك فى رفع تكاليف الأموال فى البنوك إلا بشكل هامشى.
ويمكن ألا يتسبب فى أيّة تكاليف إذا ما قام البنك المركزى بدعم هذه الشهادات من خلال توفير فارق سعر الفائدة، مثلما يفعل فى مبادرات كثيرة لدعم المشروعات الصغيرة وإسكان محدودى ومتوسطى الدخل وغيرها من المبادرات المهمة التى يتحمل فيها البنك المركزى فارق أسعار الفائدة لتحقيق الاستقرار والتوازن للسوق.
لا يفوتك .. البنك المركزي يعقد اجتماعًا لتعديل الفائدة الخميس المقبل.. و3 مؤسسات مالية تتوقع القرار
CNA– مقال بقلم،، أحمد زغلول، كاتب صحفي متخصص في الشأن الاقتصادي