مقال| الدعم الذى لا يصل مستحقيه فى التمويلات البنكية
كان الإعلان، منذ ما يزيد على العام ونص العام، عن إطلاق مبادرة لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة بفائدة 5% و7% متناقصة بمثابة المدد الذى ينتظره الاقتصاد لخلق فرص العمل، وتدعيم القاعدة الانتاجية بمشروعات جديدة تساهم فى رفع معدلات النمو الاقتصادى وتُحسّن من معيشة المواطنين.
ورغم أن البنوك بدأت فى تفعيل المبادرة بضخ التمويلات المدعومة بفائدة مميزة فى ظل ارتفاع متوسطات الفائدة فى السوق إلى مستويات تصل إلى 20%، (حيث يتحمل البنك المركزى فرق التكلفة)، إلا أن هناك بعض السلبيات التى طفت إلى السطح مع التنفيذ، برز على رأسها أن النسبة الأكبر من المشروعات المستفيدة هى المشروعات المتوسطة القائمة فعليًا والتى تحتاج إلى تمويلات لتوسيع حجم الأعمال، فى الوقت الذى ضنّ التمويل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة “الجديدة”.
لا أعتقد أن الهدف من وراء المبادرة التى طالب بها الرئيس عبد الفتاح السيسى وحدد ضوابطها وإجراءاتها البنك المركزى هو فقط تمويل توسعات المشروعات المتوسطة، ولا يعنى ذلك التقليل من تمويل توسعات هذه المشروعات.
لكن لابد من أن تكون هناك آلية لضمان وصول حصة مناسبة من التمويل للمشروعات الصغيرة، والجديد منها على وجه خاص، لتحفيز الشباب على البدء فى مشروعات جديدة، تشارك فى دراستها المؤسسات المصرفية أو جهاز تنمية المشروعات الصغيرة، لأن سياسة تفضيل العملاء الحاليين لدى البنوك تتعارض فى الأساس مع أهداف التنمية والتى تشدد على ضرورة أن يكون هناك شمولًا ماليًا يضمن وصول الخدمات المصرفية للجميع بكفاءة وعدالة.
أما النقطة الأهم هنا فتتمثل فى أن هناك شريحة “منسيّة” رغم أنه من الضرورى أن تكون فى قلب مبادرة تمويل المشروعات الصغيرة، وهى شريحة المشروعات متناهية الصغر، فرغم قيام البنك المركزى بالمشاركة مؤخرًا مع عدد من الجهات من بينها اتحاد جمعيات تمويل المشروعات الصغيرة، والمجلس القومى للمرأة، من أجل ضخ التمويلات من البنوك للجمعيات لإعادة تمويلها لشريحة المشروعات متناهية الصغر، إلا أن هذه التمويلات تظل خارج مظلة “الفائدة المدعومة”.
وتمويل المشروعات متناهية الصغير يتراوح بين 10 الاف إلى 100 الف جنيه ويتم توجيهه للنساء المعيلات أو الشباب فى الأرياف للبدء فى مشروعات تربية المواشى والطيور، وغيرها من المشروعات التى غالبًا ما تكون مشروعات انتاجية وتسهم فى مواجهة الفقر، إلا أن هذه التمويلات تظل بأسعار فائدة تصل فى بعض الأحيان إلى 30% وأكثر.
ورغم أهمية مبادرة البنك المركزى الخاصة بهذه المشروعات والتى أطلقها بالتعاون مع اتحاد جمعيات تمويل المشروعات الصغيرة، إلا أن هذه الجمعيات ستعيد ضخ خطوط التمويل التى توفرها البنوك كقروض للعملاء بأسعار فائدة مرتفعة، رغم أن هذه الشريحة هى الأولى بأسعار الفائدة المدعومة.
وعليه فلابد أن يضمن البنك المركزى أن يتم توجيه التمويلات متناهية الصغر بأسعار فائدة مميزة مثل تلك التى تم إقرارها للمشروعات الصغيرة أو أقل، وألا يترك الأمر للجمعيات الأهلية لتحديد الفائدة لأنها تقوم فعليًا بطلب فوائد مرتفعة ، رغم أن هذا النوع من التمويلات هو الأقل مخاطرة، ونسب السداد فيه هى الأعلى بين الشرائح الأخرى.
CNA– مقال بقلم،، أحمد زغلول، كاتب متخصص فى الشأن الاقتصادى