مقال| خط الفقر ونظرة من الساحل الشمالي
من المفارقات الغريبة عندما تتصفح وسائل الاتصال الاجتماعي وتشاهد المسلسلات والأفلام المصرية أن تتخيل أن مصر ليس لديها مشكلة حقيقية مع الفقر، وخصوصا بعد تبعات القرارت الاقتصادية المستمرة منذ نوفمبر العام الماضي، هذه القرارات – وإن كانت ضرورية – قد خلفت أثار عمقت من حدة مشكلة الفقر، وتوقعات بارتفاع خط الفقر في مصر.
بينما تعج وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية بمشاهد تجسد الاستمتاع بالصيف في فيلات أنيقة واحتفالات مبهجة على شواطئ قري سياحية في “الساحل”، ينشغل فرق عمل الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في الاعداد لدراسة وبحث أنماط إنفاق واستهلاك المصريين لعام 2017/2018 التي سوف تجري في أكتوبر المقبل، تهتم هذه الدراسة بالتطور في خط الفقر في مصر ومن يعيشون تحته.
وتدور التوقعات الى ارتفاع مستوى خط الفقر ليصل إلى ما يقرب ألف جنيه للفرد الواحد في الشهر. فما هو خط الفقر، وأسبابه، والحلول لمكافحته.
الفقر هو عدم القدرة على توفير الحد الأدنى من متطلبات المعيشة أو الخدمات الأساسية، وهو نتيجة لعدم توفر مصدر دخلٍ للأفراد، أو عدم كفاية الدخللمقابلة النفقات المعيشية من التغذية والملابس والمسكن.
ويُعرف الفقر بربطه بمستويات المعيشة في مجتمع ما في وقت محدد. فالفقير في دولة مثل مصر يختلف عن الفقير في السعودية أو اليابان أو أمريكا، لأن من الطبيعي أن يكون لدى البلدان الأكثر ثراء خطوط فقر أعلى في حين أن البلدان الأفقر لديها خطوط فقر أقل.
وبحسب أحد منشورات البنك الدولي عن الفقر، “الطريقة الأكثر شيوعاً لقياس الفقر تعتمد على الدخل، ويعتبر الفرد فقيراً إذا انخفض مستوى دخله عن مستوى الحد الأدنى الضروري لتلبية الاحتياجات الأساسية، وعادة ما يسمى هذا المستوى الأدنى” خط الفقر “.ما هو ضروري لتلبية الاحتياجات الأساسية يختلف عبر الزمن والمجتمعات. ولذلك، تتفاوت خطوط الفقر في الزمان والمكان، ويستخدم كل بلد خطوطاً تناسب مستوى تطوره ومعاييره وقيمه المجتمعية “.
مع تطور الفروق في تكلفة المعيشة حول العالم، تم تحديث خط الفقر العالمي كي يعكس هذه التغيرات ليصبح 1.9 دولار يوميا للفرد)34 جنيه يومياً، – 1020 جنية شهريا). وبحسب تقديرعام 2015 للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء يقدر خط الفقر المصري عند 5787.9 جنيه سنوياً، أو نحو 482 جنيها شهرياً. وهكذا يكون نسبة المصريين الذين يعيشون تحت خط الفقر 27.8%،والنسبة الأكبر منهم تتركز في محافظات الصعيد التي لاتزال تعاني من التهميش والإهمال.
أما عن الأوضاع في عام 2017 – وبسبب غلاء الأسعار بعد تعويم الجنيه وترشيد الدعم عن الوقود والكهرباء وزيادة نسبة ضريبة القيمة المضافة – من المرجح أن يرتفع الحد الأدنى لخط الفقر في مصر ليقترب من الألف جنيه شهرياً، كما يُتوقع أن يزيد نسبة المصريين الذين يعيشون تحت خطالفقر الجديدإلى ما يقرب من 35%.
وترجع أسباب الفقر إلى عدة عوامل سوف أوجزهم في البطالة؛ وغياب المُعيل لدىالأُسرة أو تعرض المُعيل إلى ظروفٍ صحيّةٍ تُقعده عن العمل؛وتراجع الاقتصاد؛وعدم عدالة توزيع الثروات؛وعدم قدرة السوق على استيعاب الخريجين؛ ووجود تخصصات علمية وأكاديمية لا تتناسب مع احتياج سوق العمل؛ وغلاء تكاليف الحياة مع ثبات الدخل.
ثمة حلول لمكافحة الفقر أهمها إصلاح السياسات الاقتصادية؛ وربط التعليم باحتياجات سوق العمل؛ وتوعية الأفراد إلى تحسين مستواهم المعيشي؛ وتوسيع دائرة نظام الحماية الاجتماعية للأسر محدودة الدخل لا سيّما التي لا يوجد لها أي مُعيل مثلا لأيتام، وكبار السن، والمرضى؛ودعم المشاريع متناهية الصغر التي يستطيع غير المتعلمين من النساء والرجال الانتفاع منها؛ وأخيراً توعية المواطنين حول طريقة الاستهلاك المُعتدل التي تبدئ بالضروريات وتنتهي بالكماليات.
CNA- مقال بقلم،، هاني أبو الفتوح، الخبير الاقتصادى