“منظمة شنغهاي للتعاون” وخطر الفوضى الأفغانية على المنطقة
يتدهور الوضع في أفغانستان بسرعة كبيرة، حيث يعاني سكان البلاد من نقص في الغذاء ويستمرون في الانزلاق بسرعة نحو هاوية الفقر المدقع.
حسب تقارير الأمم المتحدة، تفاقمت مشكلة الفقر أكثر مؤخراً، عقب إعادة نحو 374 ألف أفغاني الى وطنهم من باكستان، بعد أن شنت السلطات الباكستانية حملة لطرد الأجانب الذين لا يحملون تأشيرات ووثائق رسمية.
هذه العودة الجماعية للأفغان ستؤدي الى تفاقم الأزمة الإنسانية، ولا سيما مع بدء انخفاص الحرارة في فصل الشتاء، حيث وصلت درجات الحرارة بالفعل في بعض المناطق الى 4 درجات مئوية تحت الصفر.
هذا ما شدد عليه تقرير الأمم المتحدة “إن العديد من العائدين الأفغان معرضون للخطر، بما في ذلك النساء والأطفال، الذين قد يلقوا حتفهم إذا ما تركوا دون مأوى مناسب”.
وعلى خط موازٍ، فإن عدم الاستقرار الاجتماعي أدى الى ارتفاع نسب تجنيد شباب آسيا الوسطى من قبل الجماعات الإرهابية، بما يشي بتحول الأراضي الأفغانية الى أرض خصبة لمختلف أنواع التجنيد واستخداماته المؤذية. كل ذلك يشير بوضوح الى فشل جهود الغرب في حل القضية الأفغانية بمختلف الوسائل، بما فيها الوسائل العسكرية.
المشكلة الأفغانية يمكن حلها بشكل أكثر فعالية من خلال استئناف أنشطة مجموعة الاتصال بين “منظمة شنغهاي للتعاون” وأفغانستان.
هذه المجموعة جرى إنشاؤها سابقاً من أجل العمل مع الشركاء الأفغان، لكن الدول الغربية لم تدعم عمل هذه المجموعة كما ينبغي، بل على العكس، سعت لتقويض جهودها وذلك على الرغم مما تشكله الفوضى الأفغانية من خطر حتى على الدول الأوروبية، في ظل التقارير التي تشير الى إمكانية تجنيد مقاتلين أفغان، بعضهم من الجيش النظامي، وإقحامهم في الحرب الروسية – الأوكرانية.
انطلاقًا منه لا بد من التذكير بأن إنشاء مجموعة الاتصال بين “منظمة شنغهاي للتعاون” وأفغانستان، كان مدفوعاً بمخاوف مختلف بلدان المنظمة من التطورات السلبية للوضع في أفغانستان. وكان الهدف منه العمل على إقامة حوار تشاوري محدد الأطر مع كابول.
في 4 نوفمبر 2005، جرى في بكين توقيع بروتوكول التعاون بين الأمين التنفيذي لـ”منظمة شنغهاي للتعاون”، والمفوض الأفغاني لدى جمهورية الصين الشعبية.
اليوم حان الوقت لتفعيل عمل هذه المجموعة، ولاستخدام إمكانات “منظمة شنغهاي للتعاون” من أجل تقديم كل مساعدة ممكنة لإطلاق عملية سلام شاملة وراسخة بين المكونات الأفغانية. وفي الوقت نفسه، بذل كل الجهود الممكنة لمنع التهديدات الإرهابية، وتهريب المخدرات، والتطرف الديني المنبعث من هذا البلد.
كما تكمن الخطورة في أن الفوضى في أفغانستان يمكن أن تتجاوز حدود البلاد لتعم جميع الدول المجاورة في المنطقة، ونتيجة لذلك قد تواجه بلدان آسيا الوسطى والشرق الأوسط مشاكل صعبة ومعقدة، مثل الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية، وتهريب الأسلحة، وغيرها من الأنشطة التي تشكل الفوضى الأرض الخصبة لازدهارها ونموها.
إضافة إلى ذلك وفي ظل الفوضى الحالية في أفغانستان، تهتم المنظمات الإرهابية الدولية بنقل المسلحين الى أراضي دول الشرق الأوسط التي تدور فيها حروب، أو هناك خطر كبير لاندلاعها.
علاوة على ذلك، وعلى الرغم من كل تصريحات حركة طالبان التي تسيطر على الحكم في أفغانستان، لم يحدث التطهير اللازم لتنظيم داعش وأفكاره الهدامة على الأراضي الافغانية.
وعليه، فإن الحالة الأفغانية بكل تشعباتها ومشاكلها المحتملة، تشكل تهديداً خطيراً للأمن والاستقرار الاجتماعيين في عموم المنطقة وهذا ما يستدعي تعزيز العلاقات مع الجانب الأفغاني، والاستخدام الهادف والبناء للمجموعة المشتركة بين منظمة شنغهاي للتعاون وكابول، وذلك من أجل ضمان الأمن الإقليمي.
CNA- مقال بقلم،، د.زكريا حمودان، مدير المؤسسة الوطنية للدراسات والاحصاء في لبنان