مقال.. 4 أسباب تدفع الدولار لمزيد من التراجع أمام الجنيه
رغم التحسن المستمر للجنيه أمام الدولار الأمريكي منذ ما يزيد على العام، إلا أن هناك مَن لازال يتشكك في إمكانية استمرارية هذا التحرك الإيجابي .. بل ويرى البعض أن احتمالات عودة الدولار للارتفاع لازالت قائمة.. وهنا لابد من توضيح عدد من الأمور الهامة التي من شأنها كشف حقيقة الوضع والأسباب التي تحدد مسار سعر الصرف بالفترة المقبلة..
وقد شهد الدولار في الأسبوعين الماضيين تراجعات كبيرة قياسًا بالانخفاضات التي سُجّلت في فترات سابقة، حيث هبط بنحو 21 قرشًا لينخفض من مستوى 15.99 جنيهًا للشراء و16.09 جنيهًا للبيع في بداية الشهر، إلى 15.779 جنيهًا للشراء و15.879 جنيهًا للبيع بنهاية تعاملات الخميس الماضي.
وبإضافة قيمة الانخفاظ التي مُني به الدولار في أول اسبوعين من العام الجاري إلى مقدار التراجع خلال 2019، يكون قد سجل خسارة بنحو جنيهين و9 قروش، وهي نسبة تمثل 11.7% من قيمة الدولار في مطلع العام الماضي، حيث كان يتداول عند 17.86 جنيهًا للشراء و17.96 جنيهًا للبيع.
بالطبع ما تحقق من تحسن في قيمة الجنيه أمام الدولار أمر جيد للغاية، ويدعو للتفاؤل لاسيما وأن هذا التراجع استمر لما يزيد على العام دون ارتدادات عنيفة للدولار، وهو ما يعكس تحوّل العملة المحلية من الهشاشة والتذبذب إلى الاستقرار والانتقال من مستوى سعري إلى أخر بمرونة غير مسبوقة .
وواقع الحال فإن ما تحقق لابد أن يعطينا قدرًا كبيرًا من الطمأنينة في أن هذا التحرك الايجابي للجنيه ليس مؤقتًا أو حتى مدارًا من جانب الدولة، لأن الوضع أصبح مختلفًا بعد تحرير سعر الصرف، ولأن أسباب التحسن حقيقية ممثلة في ارتفاع تدفقات النقد الأجنبي من السياحة وتحويلات المصريين في الخارج والاستثمار الأجنبي بالاضافة إلى قناة السويس والتصدير.
وثمة 4 أسباب لابد أن تجعلنا أكثر ثقة في أن الجنيه المصري قادر على مواصلة التحسن خلال الفترة المقبلة، حتى وإن تخلل الارتفاعات انخفاضات طفيفة في بعض الأحيان، لكن الاتجاه العام سيكون مزيدًا من التحسن وصولًا إلى سعر أكثر عدالة أمام الدولار.
- وأول هذه الأسباب هو استمرارية التحسن في تدفقات النقد الأجنبي، كنتيجة مباشرة لتعافي القطاعات الاقتصادية المدرة للعملة الصعبة، وعلى رأسها السياحة التي يتوقع صندوق النقد الدولي أن تصل إيراداتها مع نهاية العام المالي الجاري إلى 16 مليار دولارًا وأن تواصل الزيادة في الأعوام التالية، وكذا تحويلات المصريين في الخارج، والتي تشير التقديرات إلى أنها بصدد تسجيل 27 مليار دولارًا بنهاية العام الجاري.. وذلك بخلاف التوقعات الايجابية للتصدير وكذا الاستثمار الأجنبي الذي يشهد اهتمامًا كبيرًا من جانب الحكومة لحل كافة مشكلاته وإتاحة الفرص المناسبة أمام المستثمرين من أجل استقبال المزيد من الاستثمارات في الفترة المقبلة.
وبصفة عامة فإن التقديرات تشير إلى إمكانية تلقي البلاد ما يزيد على 90 مليار دولار خلال العام المالي الجاري مقابل 82 مليار دولارًا بالعام الماضي، وهو ما يعزز الاحتياطي النقدي للبلاد ويعطي دفعة للعملة المحلية.
- أما ثاني الأسباب فيتمثل في انكماش المدفوعات بالنقد الأجنبي، كنتيجة لانخفاض الواردات من المواد البترولية ومواد البناء وعدد كبير من السلع الهامة نتيجة لزيادة الانتاج، كما أن المدفوعات للوفاء بالتزامات الديون الخارجية ستظل في حدود مقبولة لسبب هام وهو أن النسبة الأكبر من ديون مصر (76%) طويلة الأجل مما يقلل من ضغوط السداد ويجعله على عدد سنوات أطول وبأقساط أقل، وقد نجحت البلاد في سداد 44.6 مليار دولار في السنوات الخمس الماضية بكفاءة ودن تأثيرات سلبية على الاقتصاد.
- أما السبب الثالث فهو نظام سعر الصرف المرن المُطبّق في الوقت الراهن ، وهو ما يسمح للعملة بالتحرك صعودًا وهبوطًا بفعل الطلب والعرض، وذلك ما يخلق سوقًا بعيد عن التشوهات والتعاملات الموازية التي كانت صداعاً وسببًا في سحب النقد الأجنبي من النظام الرسمي إلى السوق السوداء في سنوات ما قبل تحرير سعر الصرف.
- وأما السبب الرابع، فهو زيادة الثقة لدى المؤسسات الدولية والمستثمرين في الاقتصاد المصري، كنتيجة لاستتباب الحالة الأمنية، وتنفيذ برنامج اصلاح اقتصادي قوي، وهو ما ينعكس على تحسن التصنيفات الائتمانية السيادية للدولة ونجاح جهودها في جذب الاستثمار واستمرار الزيادة في تدفقات النقد الأجنبي.
CNA– مقال بقلم،، أحمد زغلول، الكاتب الصحفي المتخصص في الشأن الاقتصادي