مقال| “يوتيرن” الحكومة في صناعة السيارات
رغم الخطط الكثيرة .. والأمال العريضة ..ظللنا طيلة السنوات الماضية نراوح مكاننا في صناعة السيارات دون إحراز تقدم .. حتى بعد الإعلان منذ نحو العامين عن استراتيجية لهذه الصناعة كان بين أهدافها زيادة المكون المحلي، اضطرت الحكومة سريعًا إلى النكوص عن ذلك والعودة إلى ما كان معمول به من قبل.
لكن يبدو أن تلك الحالة من التشوّش تجاه صناعة السيارات قد وصلت إلى نقطة النهاية.. حيث بدأت الحكومة تنفيذ رؤية جديدة من شأنها التسريع في توطين صناعة السيارات وخلق الطلب الفعّال على المنتج محليًا منها.. وذلك بدعم وتوجيه ومتابعة رئيس الدولة.
وترتبط الرؤية الجديدة بتوفير البدائل المناسبة من السيارات المصنّعة محليًا للسيارات القديمة والتي يُلزم قانون المرور الجديد بضرورة تخريدها وعدم الترخيص لها مجددًا وهي السيارات التي مر على صناعتها أكثر من 20 عامًا، وكثير من هذه السيارات لاسيما سيارات الأجرة تعمل بالسولار ولا أمل في تحويلها للعمل بمصدر نظيف مثل الغاز الطبيعي.
وثمة إجراءات بدأت الحكومة في اتخاذها في هذا الاتجاه حيث تم تشكيل لجنة برئاسة اللواء محمد سعيد العصار، وزير الانتاج الحربي، وبمشاركة الهيئة العربية للتصنيع ووزارة الصناعة والتجارة والبنك المركزي وجهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة ووزارة البترول.. هذه اللجنة تسارع في مسار إيجاد الحلول لتخريد السيارات القديمة واستبدالها بأخرى جديدة.
ومن بين الحلول الهامة هو توطين صناعة السيارات الكهربائية، حيث تكثف وزارة الانتاج الحربي والهيئة العربية للتصنيع التفاوض والمناقشات مع شركات أجنبية لإقامة خطوط انتاج مشتركة لهذه الصناعة، وقد تم في ابريل الماضي توقيع اتفاق مع شركة فوتون الصينية.
وبدأت الشركة الصينية بالفعل تجهيز خطوط الإنتاج اللازمة لتصنيع الأتوبيسات الكهربائية في مصر، كما سيتم تدريب عدد من المهندسين والفنيين المصريين بمقر الشركة في الصين في شهر أكتوبر المقبل، وهو الأمر الذي يدعم القدرات الفنية والبشرية للبلاد في هذا المجال.
والمفاوضات والمناقشات لم تقتصر على شركة فوتون الصينية.. لكنها تشمل شركات أخرى كثيرة .. وقد كان للرئيس السيسي نفسه مناقشات في هذا الشأن مع شركة بي إم دبليو الألمانية .. كما اهتم رئيس الوزراء د.مصطفى مدبولي بفتح أبواب التفاوض مع شركة مرسيدس.
أما خلق الطلب الفعال على هذه السيارات والمقرر انتاجها بمصانع في مصر وبأيدي مصرية.. فإنه قائم على جانبين أساسين في البداية أولهما الطلب الحكومي .. حيث تسعي الحكومي إلى تجديد منظومة النقل العام وتقليص استخدام المحروقات.. وهي في ذلك ترتكز على نشر الاتوبيسات الكهربائية.
وإلى جانب الطلب الحكومي، فإن خطة تخريد السيارات القديمة واستبدالها للمواطنين بأخرى جديدة، جعل الاتجاه العام هو توفير تسهيلات بنكية ومميزات كبيرة لأصحاب السيارات القديمة، وذلك حتى يكون هناك إقبال وقدرة على شراء الجديدة، وسيتولى توفير هذه القروض البنك المركزي من خلال مبادرة يُنتظر إطلاقها وجهاز المشروعات الصغيرة الذي دعم خبراته في قطاع السيارات من خلال المشاركة بقوة حاليًا في تمويل تحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعي.
CNA– مقال بقلم،، أحمد زغلول، كاتب صحفي متخصص في الشأن الاقتصادي