مقال| نظرية الكحول و إبداع الفساد!!
فى عصور أوربا المظلمة سن دهاقنة الفساد قانون ساكسونيا و بمقتضى نصوصه الجائرة كان حكم الإعدام ينفذ على ظل أو خيال القاتل إذا كان من طبقة النبلاء !! وطور دهاقنة الفساد فى بلادنا هذا القانون بنظرية الكحول الذى تحرر كافة مخالفات و جرائم المبانى و العقارات المخالفة بإسمه ليبقى المالك و أو المجرم الحقيقى بمنأى عن قبضة القانون المشلولة ، فالكحول هنا هو ظل أو خيال المجرم النبيل !!.
لقد وصلت أرقام العقارات والمبانى المخالفة إلى أرقام مخيفة جداّ لدرجة أن محافظة واحدة كمحافظة الإسكندرية تحتل مركز متقدم جداً فى سباق العقارات المخالفة ، حيث يقترب الرقم من مائة ألف عقار مخالف ، وتنافسها فى صدارة مارثون المخالفات محافظة الجيزة.
ولكن هذه المخالفات ليست مجرد مخالفات إدارية ، بل تعد كوارث بمعنى الكلمة تكشف و تفضح الإنهيار الأخلاقى والقانونى والإدارى الذى ألم بالمجتمع المصرى ، وبلغ ذروته بعد ثورة 25 يناير التى أدت إلى رفع أجهزة الدولة والمحليات من الخدمة إلى أجل غير مسمى لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، والمستغرب أن بعد ثورتين فى مصر ضد الفساد يكثر الفساد وتتم ممارسته ، بل وتعاطيه على نحو سافر جهاراً نهاراً دون أى منظومة جادة لمكافحته ، لأن أبراج الفساد التى نراها جميعاً بالعين المجردة تقف شاهقة ووقحة أمام الجميع وتكاد تبصق فى وجوهنا جميعاً دون أى رد فعل و لا مقاومة من أحد بإستثناء عويل ضحايا كوارث العقارات المخالفة !!
وبالطبع ملفات هذه العقارات ثم تستيفها بعناية وبقذارة إدارية وقانونية فائقة بإستخدام نظرية الكحول التى تعد بمثابة إبداعاً مصرياً خالصاً فى الفساد و فى إختراق و سحق القانون ، فالمخالفات تم تحريرها للكحول يعنى الملفات ثم تظبيطها وسيتم تطبيق القانون على الكحول الذى لا وجود له أو ربما يكون أحد البلطجية المسجلين خطر، وفجأة يتحول لمالك صورى لعقار بعشرات الملايين، وصاحب العقار المخالف الأصلى ينعم بالفساد بعيداً عن قبضة القانون ، وعندما ينهار العقار المخالف الذى سينهار لا محالة لأنها مسألة وقت ليس إلا ، يكون صاحب العقار الفاسد قد جنى الملايين والكحول يعيث فى الأرض فساداً لأنه يجيد التخفى بعيداً عن أنياب القانون المخلعة ، ومع الوقت سرعان ما ينسى الناس الأمر ويتأقلمون مع الوضع لأن الأعمار بيد الله حتى لو كانت الوفاة بسبب إنهيار عقار غير مطابق لمواصفات البناء ، فلا فرق بين الوفاة لبلوغ الأجل أو بالقتل رمياّ بالكتل الخرسانية !.
وتشير بعض التقارير والدراسات المنشورة إلى إستخدام قطاع العقارات فى غسل أموال المخدارات والدقيق المدعوم حيث أن نسبة كبيرة جداً من مصادر تمويل أبراج الفساد المخالفة مملوكة فى الواقع لتجار مخدرات و لأصحاب مخابر دقيق مدعوم معروفين للمجتمع و للدولة بالإسم ، وهكذا فإن دافع الضرائب المصرى أصبح يمول ودون أن يدرى العقارات المخالفة الناشئة عن بيع الدقيق المدعوم فى السوق السوداء.
وكل هذه الجرائم تتم جهاراً نهاراً لأن جسم الجريمة موجود و هو عبارة عن برج سكنى مكون من 20 دور كحد أدنى ، بينما مرتكب الجريمة متخفى وراء الكحول المعلوم لأن قانون الكسب غير المشروع وقانون مكافحة غسل الأموال لا يراه و لا يشعر به إطلاقاً.
وتفسر أبراج الفساد هذه ظاهرة طوايبر العيش المدعوم لأن نصف الدقيق المدعوم قد تم بيعه فى السوق السوداء ليمول أبراج الفساد والنصف الآخر لا يكفى لإحتياجات المواطين لذلك ستظل مطحنة طابور العيش إلى الأبد وأبراج الفساد فى علو مبين مالم ننسف منظومة الدعم الفاسدة هذه.
فالدعم النقدى للمستحقين فقط هو الأداة الإقتصادية السلمية لكفاءة تخصيص الموارد الإقتصادية والقضاء على ظاهرة السرقة المستدامة للدقيق المدعوم من جهة ، ومن جهة أخرى لا يجب ترك هذه الأبراج المخالفة تهدد حياة الناس وأمن المجتمع ، بل يجب أن تكون لدينا الشجاعة و القدرة على مواجهة هذه الظاهرة ومحاسبة جميع المجرمين حتى ولو بإجراءات إستثنائية تحت رقابة القضاء ، لأننا جميعا نعلم من هم ملاك هذه الأبراج ومن الذين سهلوا لهم جرائهم وقبضوا منهم المعلوم والمجهول معاً.
فالمطلوب خضوع الملاك الحقيقيين للعقارات المخالفة و الموظفين العموميين الذين منحوهم التراخيص و تستروا على جرائمهم و تحايلوا على القانون كقوانين غسل الأموال و الكسب غير المشروع و مكافحة التهرب الضريبى ، و إلغاء الدعم العينى فوراّ و تحويله إلى دعم نقدى وربطه ربطاّ مباشراّ بدخل الأسرة.
قول غير مأثور
ما هى نظرية الكحول ؟؟
إنها قانون ساكسونيا بصياغة مصرية !!
CNA– مقال بقلم،، أحمد الألفى، كاتب وخبير مصرفي مصري