مقال| مذهبنا في إدارة احتياطي الذهب
زادت المنافسة، في السنوات الأخيرة، بين البنوك المركزية في العالم، حول زيادة حيازات الذهب لدى كل منها .. جاء ذلك رغبة في إحدث التنوع المطلوب في مكونات الاحتياطيات الدولية لديها، إلى جانب استمرار احتفاظ الذهب بأهميته كملاذ آمن، لاسيما، في ظل الأزمات والتقلبات الاقتصادية الدولية.
ورغم التحديات التي تواجه الاقتصاد المصري.. إلا أن البنك المركزي كان يتطلع إلى تدعيم الاحتياطي الأجنبي لديه بمزيد من المعدن النفيس، حيث أن احتياطي الذهب في خزائنه لم يكن قد شهد زيادات تذكر في سنوات ماضية وظل في حدود 75 طنًا منذ أخر جرد تم الاعلان عنه في 2011.. ومع تحسن الأوضاع تدريجيًا أصبح تدعيم احتياطي البلاد بالذهب أمرًا أكثر إلحاحًا.لكن كيف يتم ذلك والبلاد في حاجة إلى كل ورقة نقدية من السيولة المتاحة بالعملات الأجنبية؟ .. فشراء البنوك المركزية للذهب عادة ما يكون بالعملات الأجنبية وبمواصفات محددة.. وهنا برزت الفكرة الألمعية .. وهي قيام البنك المركزي بشراء ذهب من منجم السكري بالعملة المحلية بمقدار المصروفات الشهرية للشركة صاحبة الامتياز لتوفير أجور العاملين وغيرها من أوجه الأنفاق التي تتم بالجنيه المصري، وعليه بدأ يتدفق الذهب إلى خزائن البنك المركزي.
الاتفاق تم ابرامه بنهاية 2017، وقد استطاع البنك المركزي زيادة مقدار الذهب المدرج في خزائنه إلى نحو 2.5 مليون أونصة تعادل 77.5 طنًا، وذلك بنهاية شهر سبتمبر الماضي، ما يعني أن احتياطي الذهب لدى البنك المركزي زاد بنحو 2.5 طنًا في أقل من عام، وهو نجاح كبير يحسب للبنك المركزي والجهات التي تعاونت معه ومن بينها وزارة البترول والثروة المعدنية التي دعمت الاتفاق الذي جرى بين البنك وشركة “سنتامين للتعدين” صاحبة الامتياز بمنجم السكري.
ولابد هنا من الإشارة إلى أن الذهب يعد جزءا من الاحتياطات الدولية المؤلفة عادة من النقد الأجنبي، وحقوق السحب الخاصة، والاحتياطى فى صندوق النقد الدولى، وهذه الاحتياطيات الدولية شهدت زيادات متتالية في مصر بعد تحرير سعر الصرف، وهي الأن في حدود 44.45 مليار دولار.
والواقع يفرض علينا ضرورة تدعيم الاحتياطيات الأجنبية بالمزيد من المعدن الأصفر، لاسيما مع الارتباك العالمي المتصاعد والناتج عن الحروب التجارية التي أشعلت فتيلها الولايات المتحدة، والتي أحدث هزات عنيفة في عملات الأسواق الناشئة وتنذر بحروب أشد ضراوة بالنسبة للعملات العالمية المعتمدة كعملات احتياطي عالمية.
ولو نظرنا للتحركات الدولية فيما يتعلق بحيازات الذهب سنكشف إلي أي حد ترى هذه الدول أهمية وضرورة تدعيم خزائن بنوكها المركزية بالمعدن النفيس .. فالبنك المركزي الروسي مثلًا يبرز كأحد أكثر البنوك شراءًا للذهب في السنوات الأخيرة، حتى وصلت احتياطيات روسيا من الذهب 62.5 مليون أونصة بمنتصف العام الجاري بما يقارب 1900 طنًا وذلك يعادل 17.7% من الاحتياطيات الدولية لروسيا.
كذلك فإن الولايات المتحدة الامريكية هي صاحبة الحصة الأكبرمن احتياطي الذهب بنحو 8133 طنًا وهو ما يمثل 75% من الاحتياطيات الأجنبية لديها.
CNA– مقال بقلم،، أحمد زغلول، كاتب متخصص في الشأن الاقتصادي