مقال .. قرض صندوق النقد وتأثيراته على الاقتصاد والمواطن
نعم قرض صندوق النقد الدولي هو السبيل الوحيد لإنقاذ الاقتصاد المصري الآن بعد وصول الاقتصاد المصري إلي حالة هي الأسوء في تاريخه ولكن سيكون له تأثيرات اجتماعية سلبية كبيرة على المواطنين، بعد أن أصبح الاقتصاد المصري الآن بكل مقوماته وآلياته يعاني من الآم حادة في كافة مفاصلة أدت إلي شلل وإعاقة في كافة قطاعاته.
هذا الوضع الذي تفاقم منذ الأضطرابات السياسية والأمنية من عام 2011 وزاد من تدهور الأداء الاقتصادي طريقة إدارة الحكومات المتعاقبة ومحافظين البنك المركزي للسياسة المالية والنقدية منذ عام 2011 وكان فرض الضرائب والإستدانة هو ملخص رؤية الحكومات المتعاقبة لإدارة الاقتصاد المصري على مدار السنوات السابقة مع سياسات نقدية خاطئة في إدارة الأحتياطي النقدي وأسعار الفائدة وتحديد سعر الصرف حتى وصلنا إلي مرحلة هي الأسوء على الأطلاق.
وخلال السنوات السابقة حذرنا أنه كلما تأخرنا في البدء في تنفيذ الأصلاحات الاقتصادية ارتفعت التكلفة الاجتماعية لهذه الاصلاحات والآن سندفع تكلفة إجتماعية كبيرة جداً لها، هذا في الوقت الذي قدرت فيه الفجوة التمويلية وفقاً لبرنامج الحكومة المعتمد من مجلس النواب بـ30 مليار دولار امريكي خلال الثلاثة سنوات القادمة في الوقت الذي لاتمتلك ولم تعلن الحكومة عن أية إجراءات فعلية وتنفيذية للإصلاح الاقتصاددي لتحقيق التوازن المالي ومع التدهور المتوالي للاوضاع الاقتصادية ونزيف الاحتياطي النقدي.
ومع تفاقم الدين العام وتوقف المساعدات الخليجية وتراجع النظرة المستقبلية لمؤسسات النصنيف العالمية، أصبح السبيل الوحيد هو اللجوء لمؤسسات التمويل الدولية لمواجهة الواقع الاقتصادي وهو ماحدث بالفعل باعلان الحكومة بسعيها لسد الفجوة التمويلية خلال الثلاثة سنوات القادمة من خلال الحصول على 12 مليار دولار أمريكي من صندوق النقد الدولي و3 مليار دولار أمريكي من البنك الدولي و3 مليار دولار أمريكي سندات دولية و1.5 مليار دولار أمريكي من البنك الأفريقي للتنمية.
وأرى أن الميزة الرئيسية من اتفاق مصر مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بـ12 مليار دولار هو إلتزام الحكومة الإجباري بتنفيذ برنامج إصلاح للاقتصاد المصري تحت أشراف ومتابعة فريق صندوق النفد الدولي وهو مايضمن أنتشال الاقتصاد من الأنهيار التام وعدم تراجع الحكومة عن الأصلاحات لأية أسباب.
حيث ستشمل الإصلاحات خلال الثلاثة سنوات القادمة على سبيل المثال خفض الدين العام من 98% إلي 88% وخفض عجز الموازنة العامة ليصل إلي 5.5% من خلال زيادة الإيرادات بفرض ضريبة القيمة المضافة وترشيد الأنفاق من خلال تخفيض الدعم، كما ستشمل الأصلاحات تغيير سياسة تحديد سعر صرف الجنيه أمام الدولار الامريكي بأتباع سياسة أكثر مرونة.
ويجب أن نعرف جيداً أنه بسبب تأخرنا في البدء في تنفيذ الأصلاحات الاقتصادية خلال السنوات السابقة أصبحت الآن التكلفة الاجتماعية لهذه الاصلاحات كبيرة جداً وهو ماسيحدث بالفعل خلال الفترة القادمة بعد الاتفاق على الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي والذي سيتبعه تنفيذ برنامج أصلاحات اقتصادية مكثف سيكون له آثار سلبية قوية على الأوضاع الأجتماعية، وهو مايعني انعكاس هذه الأصلاحات بالإيجاب على الاقتصاد المصري وستنعكس بالسلب على المواطن بدفع ضرائب أكثر وفي ظل إنعدام الرقابة على الأسواق وإنعدام السيطرة على جشع التجار وفي ظل الإنخفاض المتوقع لقيمة الجنيه سترتفع الأسعار بشكل حاد في الوقت الذي أشتعلت فيه الأسعار بالفعل خلال الفترة الماضية بشكل غير مسبوق تأثراً بالإنهيار الحاد في قيمة الجنية المصري أمام الدولار الأمريكي.
هذا هو الوضع الاقتصادي الذي نعيشه الآن من تراجع معدلات النمو وزيادة معدلات البطالة وتراجع الاستثمارات الأجنبية، وزيادة عجز الموازنة، وتفاقم الدين العام لمستويات قياسية وخطيرة وارتفاع تكلفة الدين العام لتمثل ثلث الموازنة العامة، وتراجع الانتاج وتوقف العديد من المصانع والشركات، ورفع أسعار الفائدة لمستويات قياسية أدى إلي إرتفاع تكلفة الاستثمار وارتفاع تكلفة الانتاج وسحب السيولة من الأسواق والبورصة المصرية والاستثمارات الأخرى دون استثمارها.
CNA– مقال بقلم،محمد رضا ، محلل بسوق المال وعضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للأوراق المالية.