مقال| فرض ضريبة لمواجهة السمنة
فتحت أحاديث الرئيس عبد الفتاح السيسي المتكررة بشأن السمنة وتزايد أعداد المصابين بها في البلاد وتحذيره منها، أبواب التعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي للتكهن بشأن ما يمكن أن تفعله الحكومة حيال زائدي الوزن ، وقد كان أكثر ما تم تداوله في هذا الشأن – إن لم يكن كلّه- في إطار المزحات والتعليقات غير الجادة.
إلا أننا إذا تناولنا الموضوع بما يستحقه من جدية، فإننا أمام مشكلة تتفاقم وقضية باتت تؤرق حكومات العالم، حيث تؤثر بشكل كبير على صحة المواطنين، كونها مدخلًا لأمراض عديدة، كما تقلل من قدرة الفرد على القيام بأعماله بكفاءة ما يعد تحديًا اقتصاديًا يمكن أن يؤثر على إنتاجية الفرد .. هذه المخاوف العالمية تتنامى مع الزيادات الكبيرة في أعداد زائدي الوزن، وبحسب منظمة الصحة العالمية فقد ارتفعت المعدلات لأكثر من الضعف منذ عام 1980.
ومع تزايد معدلات السمنة يتزايد الاهتمام بتنفيذ حملات توعوية من أجل حث المواطنين على الاهتمام بصحتهم والحفاظ على أوزانهم في الحدود المقبولة.. لكن بخلاف الحملات والتوعية .. هل لنا أن نطرح سؤالًا .. ما إمكانية أن تفكر الدولة في فرض ضريبة على الوزن الزائد للمواطن؟ ..
ضريبة على الأوزان الزائدة !! .. الفكرة صادمة .. حيث يمكن أن تقال على سبيل الدعابة .. لكن أن تطرح كفكرة جادة، فهذا ما لا يمكن أن يقبله الناس لعدم إدراك المقصد، وللتخوف من كل ما يطلق عليه “ضريبة” .. لكن تعالوا نوضح الأمر بشكل يزيل اللبس.
الضريبة هنا لن تكون مباشرة .. فلم يسبق أبدًا لدولة أن قامت بوزن مواطنيها لفرض ضريبة على الوزن الزائد .. لكن ما قامت به بريطانيا في هذا الشأن يستحق الدراسة وأن تكون نموذجًا يحتذى به من أجل مواجهة مشكلة السمنة بآلية أكثر عملية.
وفي بداية العام الجاري قامت بريطانيا بفرض ضريبة على صناعة المشروبات الغازية (ضريبة السكر) وقد دخلت هذه الضريبة حيز التنفيذ منتصف العام ، وهي الضريبة التي وصفتها وسائل الإعلام بأنها ضريبة على الوزن الزائد للمواطنين.
حيث تم فرض ضرائب على شركات المشروبات الغازية حسب كمية السكّر التي تحتوي عليها منتجاتها، وقد انقسمت الضريبة إلى نوعين يفرضان على هذه المشروبات؛ الأول يخصّ المنتجات التي تحتوي على 5 جرامات من السكّر لكل 100 ملليلتر، أما الضريبة الثانية فأعلى وتخصّ المشروبات التي تحتوي على 8 جرامات أو أكثر من السكّر لكل 100 ملليلتر.
وطبقًا لما أعلن عنه مسئولون بريطانيون فإن الأموال التي يتم جمعها من هذه الضرائب ستذهب إلى خزينة وزارة التعليم، ويُعتقد أنه سيُجمع مبلغ 520 مليون دولار لفائدة الرياضة في المدارس الابتدائية.
واستناداً إلى بعض الأبحاث، فإن الضرائب غير المباشرة التي تُفرض على سلع تُعتبر ضارّة بالمجتمع تساعد على تغيير سلوك المستهلكين، وقد دفعت ضريبة السكّر الحكومية صانعي معظم المشروبات الغازية الرائدة في بريطانيا إلى تقليل السكر من أجل إبقاء الأسعار منخفضة.
وبالنسبة للوضع لدينا في مصر فإن فرض مثل هذه الضريبة سيكون له تأثيرات جيدة، لاسيما في ظل النهم على المشروبات الغازية وتأثيره الكبير في زيادة معدلات السمنة.. وفي ظل الضريبة إما ستضطر شركات المشروبات الغازية تقليل نسبة السكر في منتجاتها للحفاظ على مستوى الأسعار، وهو ما سيكون صحيًا للمواطنين ويساهم في الحد من السمنة، وإما أن تضطر لرفع سعر المنتج، وفي هذه الحالة ستجني الدولة ضريبة تمكنها من تحسين خدمة تقدمها للمواطن سواء في التعليم أو الصحة أو غير ذلك.
CNA– مقال بقلم،، أحمد زغلول، كاتب صحفي متخصص في الشأن الاقتصادي