مقال| عملة “بيتكوين” .. حينما تمسك الهواء بيديك!
ضجّة عالمية تحدثها عملة “بيتكوين” الالكترونية، فقد فرضت نفسها بقوة محطمة كل قيود تحويل الأموال وقواعد الأجهزة المصرفية .. فالعملة التى هى عبارة عن نظام تشفيرى على شبكة الانترنت وليس لها أساس فى الواقع أو غطاء لإصدارها استطاعت أن تقفز أمام العملة الامريكية لتتجاوز 18 ألف دولار لوحدة البيتكوين ، بعد أن كانت لا تتجاوز السنتات فى سنوات سابقة.
الأمر برمّته لا يمكن وصفه إلا بأنه جنونى .. كيف لعملة ليس لها أى غطاء أن تقفز إلى هذا السعر؟ .. فتوليد أو تعدين “بيتكوين” لا يتطلب سوى قيام أجهزة الكمبيوتر بحل معادلات حسابية معقدة .. وإن كانت عملية صعبة للغاية وتستغرق جهدًا ووقتًا طويلًا .. إلا أنه لا يمكن تفسير ما الفائدة من هذه العمليات .. وأما الأمر الذى يثير الشكوك والمخاوف هو أنه لا أحد يعلم ، حتى الآن، من هو صاحب نظام التشفير الذى يقوم بتوليد عملة بيتكوين .. وإن كان معروفًا باسم ساتوشي ناكاموتو.. ففى واقع الأمر لم يستدل على هذا الشخص أو هذه المجموعة.
وثمة ترجيحات تشير إلى أن وكالة الاستخبارات الامريكية هى من تقوم بالسيطرة على نظام التشفير الخاص بعملة بيتكوين، ويعتبرها البعض أداة جديدة للسيطرة على الاقتصاد العالمى، وقد أعطتها الولايات المتحدة الامريكية بعض الشرعية حيث بدأ تداول العقود الآجلة لعملة بيتكوين فى بورصة شيكاغو، وبدأت تنتشر ماكينات صراف خاصة بعملات بيتكوين فى بعض المناطق، كما انتشر عدد المحال التجارية التى تقبل التعامل بهذه العملة الالكترونية.
وفى الواقع لا يمكن لعملة “بيتكوين” أن تنال مشروعيتها الدولية إلا من خلال الحصول على دعم من أربع جهات دولية هي صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والصين والهند، وهو ما لم يحدث، ورغم ذلك فقد زاد الإقبال عليها بشكل كبير، ومنذ بداية العام الجاري وخلال الـ 11 شهراً الماضية قفزت عملة “بيتكوين” بنسب كبيرة بعدما ارتفعت من نحو 997 دولاراً في بداية العام الجاري لتسجل نحو 18 ألف دولار بتعاملات بداية الأسبوع.
أما الأمر الذى يقلق منظمة الشفافية الدولية، والبنوك المركزية، هو استخدام عملة بيتكوين والعملات الافتراضية بصفة عامة فى تمويل الجماعات الارهابية وكسر قواعد غسل الأموال، حيث تشير تقديرات إلى أن المنظمات الارهابية ومن بينها داعش تمكنت من الحصول على تمويلات كبيرة من خلال العملات الافتراضية.
ويوم الجمعة الماضى تم توجيه اتهامات لإمرأة من نيويورك بغسل أموال، من عملة بيتكوين وعملات أخرى مشفرة، وإرسالها لمساعدة تنظيم داعش الارهابى.
وثمة تحذيرات عالمية كثيرة ومتكررة من البنوك والحكومات بشأن التعامل بالعملات الالكترونية، وقد حذر البنك الألماني “دويتشه بنك”، مؤخرًا عملائه من أي تعاملات مع العملة الافتراضية حيث أن سعرها غير مستقر ولم يتم عمل استراتيجية استثمارية تستطيع احتوائها بعد، ونصح البنك الألماني بالتفكير أكثر من مرة قبل أي تعامل مع بيتكوين التي وصفها مسئول استثمارات دويتش بنك أولريش ستيفان بالتعاملات “غير الطبيعية”.
أما البنك المركزى المصرى فقد حذر من التعامل بعملة البيتكوين، وسارع إلى إصدار بيان رسمى يؤكد فيه أن التعامل بهذه العملات ينطوى على مخاطر عالية وأن هذه التعاملات غير مقننة بالبلاد، ورغم هذه التحذيرات إلا أن هناك صفحات كثيرة على مواقع التواصل الاجتماعى وبعض المجموعات، خاصة من الشباب، تدعو إلى التعامل بالعملات الافتراضية وتروج لذلك.
ورغم أن الاتجاه فى البلاد هو أن تصبح التعاملات المالية الكترونية بعيدة عن التعاملات بالكاش، إلا أن هذه التعاملات تظل فى إطار سيطرة البنك المركزى والدولة، وهناك توقعات بأن تزيد هذه العمليات فى الفترة المقبلة، مع تشديد المجلس القومى للمدفوعات برئاسة الرئيس السيسى على ضرورة التوسع فى خدمات الدفع الالكترونى، إلا أن ذلك يختلف تمامًا عن العمليات من خلال عملة بيتكوين مجهولة المصدر.
CNA– مقال بقلم،، أحمد زغلول، كاتب صحفى متخصص فى الشأن الاقتصادى