مقال| عالم مجنون اقتصاديًا !
إنه عالم مجنون اقتصاديا إذا ما صح التعبير.. هل أصبح الإدخار خطيئة، والانفاق هو الفضيلة ؟
كان هذا هو محور سؤال أحد الاقتصاديين الهنود فى مقاله تداولتها الشبكة العنكبوتية، فقد لاحظ الكاتب انه رغم أن اليابان تدخر اكثر مما تستهلك ، وتصدر اكثر مما تستورد ولديها فائض فى ميزانها التجارى يزيد عن مائه مليار دولار سنوياً ، إلا انه رغم ذلك هناك مخاوف من احتمالات ضعف الاقتصاد اليابانى وعدم قدرتة على النمو المستمر.
على الجانب الاخر نجد الولايات المتحدة تنفق أكثر، وتدخر أقل ، وتستورد اكثر مما تصدر، بل ولديها عجز فى ميزانها التجارى الخارجى يقدر ب 400 مليار دولار سنوياً، ورغم ذلك يحمل الاقتصاد الأمريكى قوى النمو الذاتي وثقة الإستقرار والتقدم الاقتصادى .
ولكن إذا كانت أمريكا تنفق أكثر مما تدخر فمن أين تأتى بالأموال اللازمة لتمويل إنفاقها الاستثمارى ؟ .. والاجابة انها تقترض من اليابان ومن الصين والهند .
تحتفظ الهند مثلا بما يفوق عن 50 مليار دولار فى سندات دولارية ، ومثلها الصين تحتفظ بأكثر من 160 مليار دولار ، اما اليابان فتقدر إستثماراتها فى السندات الدولارية الامريكية بالتريليونات ، وهكذا أصبحت أمريكا دولة مصب للاستثمارات العالمية والتى قدرت بخمسة تريليون دولار.
إن العالم يحول 180 مليار دولار كل ثلاث شهور او 2 مليار دولار يوميا لتصب فى شرايين الاقتصاد الامريكى ، والخلاصة ان العالم يدخر لكى يستثمر فى امريكا ، والحقيقة الآن أن دول العالم الصناعية والبترولية ذات الفوائض أصبحت تعتمد على المستهلك الأمريكى لتحقيق نموها، وبدون مبالغة فإن دول العالم الآن مضطرة لان تقرض أمريكا لكى تستطيع الاخيرة بالتالي ان تشترى منتجاتها لصالح المستهلك الامريكى .
ولكن هل يمكن أن ينطبق ذلك علينا فى مصر ، ويكون الإنفاق الاستثمارى والتمويل عبر القروض الخارجية هو وسيلة تحقيق النمو ؟
إن مصر فعلا فى حاجة فعلا لدفعة مالية قوية لتمويل خطط التنمية خاصة للمشروعات القومية الضخمة ، وليس عيباً ان يكون ذلك عبر القروض الخارجية والاستثمار الاجنبى المباشر، ولكى ننجح فى جذب الاستثمارات الخارجية لتمويل التنمية يجب ان نوفر اولا بيئة استثمارية مستقرة وآمنة.
CNA– مقال بقلم،، د.محمد عبد العال، عضو مجلس إدارة البنك العربى