مقال| بيانات موحدة للعملاء بالبنوك
تصريحات هامة أدلى بها طارق عامر، محافظ البنك المركزى، قبل أيام فى لقاء تليفزيونى، كان أبرزها كشفه الستار عن الاتجاه للاستفادة من تقنية “بلوك تشين” فى البنوك من أجل إحداث تغيير جوهرى فى منظومة العمل المصرفى، لاسيما فيما يتعلق بإجراءات “أعرف عميلك”.
وما تقدمه تقنية بلوك تشين فى هذا المضمار يعد بمثابة الثورة على إجراءات تقليدية تستلزم وقتًا وجهدًا وتستنزف ساعات عديدة من العمل المصرفى ومن وقت العملاء.
ففى كل مرة تقودك الحاجة للتعامل مع بنك مختلف، سواء لفتح حساب.. طلب قرض، أو للحصول على أيّة خدمات مصرفية أخرى، يُطلب منك ملء استمارة مُتخمة بالاسئلة الخاصة ببياناتك الأساسية وطبيعة عملك ودخلك وتعاملاتك المصرفية وحساباتك فى البنوك الأخرى وغيرها.
هذه الاستمارة وإلى جانبها عدد كبير من الإجراءات الأخرى التى يقوم بها البنك للتأكد من صحة بياناتك وبدء التعامل معك تسمى تدابير “أعرف عميلك” وهى إجراءات معممة فى دول العالم لمعرفة مصادر أموال العملاء ومكافحة تبييض الأموال والفساد، إضافة إلى التحقق من صلاحية العميل للحصول على الخدمة المصرفية.
ورغم أهمية هذه الإجراءات.. إلا أن الأمر غير المنطقى فى وضعها الحالي، هو تكرارها فى كل مرة تدخل فيها بنكًا مختلفًا.. حيث تستنزف وقت العميل فى الانتظار لأيام وأسابيع للتحقق من صحتها، كما تستنزف ساعات عمل البنك والتى يمكن استغلالها فى زيادة حجم الأعمال وخدمة عملاء جدد.
وما تقدمه تقنية بلوك تشين التى أعلن عنها محافظ البنك المركزي، هو إنهاء هذا الوضع، وإتاحة بيانات العميل لكل البنوك بضغطة زر.. فقط بالرقم القومى، حيث لن يحتاج المواطن إلا تقديم بياناته لمرة واحدة، وبعدها ستعمل تقنية بيانات الكتل المتسلسلة (بلوك تشين) على تسجيل أيّة مستجدات عليها، وإتاحة ذلك فى شبكة موحدة لكافة البنوك، ومتى طلب العميل خدمة من أى بنك، ستكون بياناته حاضرة.
اعتقد كذلك أنه فى حالة تنفيذ هذا التطوير، فلن نكون فى حاجة إلى إجراءات الاستعلام الائتمانى التقليدية، لأن جميع المعاملات الخاصة بالعميل ستكون مسجلة من خلال هذه التقنية.
ولكم أن تتخيلوا ما ستحققه هذه التكنولوجيا من مكاسب للبنوك والعملاء فى توفير الوقت والجهد والمال.. وهنا لابد من استعراض نتائج دراسة هامة أعدها صندوق النقد العربي، حيث خلصت إلى أن تطبيق تقنية “البلوك تشين” فى بالبنوك العربية سيحقق وفرًا سنويًا بنحو 8 إلى 12 مليار دولارًا تمثل 30 إلى 70% من تكلفة العمليات المصرفية وتكاليف الإجراءات التقليدية لمبادىء “اعرف عميلك”.
ولتقنية بلوك تشين تطبيقات متعددة بخلاف الاستخدامات المصرفية، وثمة دول كثيرة فى العالم بدأت تطوير أعمالها الحكومية من خلال هذه التقنية الثورية لتوفير الوقت والجهد، وقد أعلنت دولة الإمارات فى شهر يناير الماضى أنها وفرت 3 مليارات دولار بسبب استخدام “بلوك تشين”، حيث حدّت هذه التكنولوجيا من استخدام 398 مليون ورقة مطبوعة ووفرت ما يزيد على 77 مليون ساعة عمل سنويًا.
CNA– مقال بقلم،، أحمد زغلول، كاتب صحفي متخصص في الشأن الاقتصادي