مقال .. بالونة قانون سبتمبر
“اطلق رصاصة فى الهواء لتعرف ردود افعال من حولك ” .. تلك العبارة هى عنوان مختصر للكثير من الالعاب السياسيه و الاقتصاديه فى العالم الذى يتبادل لحظيا بالونات الاختبارات الصعبة ، و ابرزها حاليا هو مشروع القانون الامريكى الذى يسمح لأسر ضحايا هجمات سبتمبر بمقاضاة حكومات اجنبيه.
القانون برمته ليس مهما بقدر اهمية رد الفعل السعودى عليه و رودود الفعل الخليجيه المساندة لموقف المملكة… الامر الذى كشف عن نديه حقيقيه بين المملكه و الولايات المتحده التى خففت من احتمالية وصول القانون لمحطته النهائية بعد تحذير وزير الخارجيه عادل الجبير فى شهر مارس 2016 ببيع اصول و استثمارات سعوديه فى الولايات المتحده بنحو 750 مليار دولار.
فقد طفا على السطح قانون هجمات سبتمبر بالتزامن مع استحواذ ارامكو السعوديه على كامل مصفاة ” بورت ارثر ” النفطيه المهمه فى تكساس التى تستوعب 600 الف برميل يوميا و هى اكبر مصفاه امريكيه تسمح للنفط السعودى بتغطيه كل اسواق امريكيا الشماليه.
و هذا يتسق مع سعى السعوديه للحفاظ على حصتها السوقيه العالمية، و تزامن ايضا مع اقتراب وصول ايران لحصتها النفطيه قبل العقوبات … هنا كان لابد من اطلاق رصاصة سياسيه فى الهواء على هذا التشابك الاقتصادى الضخم لمعرفة ما هو قادم … و قد حدث …فهذا المشهد يعد زلزالا سياسيا اذا اعتبرنـاه فعـــل امريكى حقيقى و ليس بالونة اختبار فى لحظة اقتصاديه حرجه.
و الفارق بين الاثنين كبير ، فالفعل الامريكى سوف تتضح ملامحه اكثر مع فوز الرئيس الامريكى الجديد سواء كانت هيلارى او ترامب فكلاهما يؤيدان تمرير القانون بصيغته الحاليه التى يرفضها اوباما .. و معنى ذلك ان حلقات احداث هذا الفعل ستأخذ وقتا ممتدا و شكلا متكررا كورقة ضغط سياسى و اقتصادى …و اما اذا كان الامر هو بالونة اختبار فانه كشف اوراقا مهمه دفعة واحده ابرزها ماهية و قوة الفعل السياسى السعودى و كذلك حجم الاستثمارات السعوديه فى امريكا التى تفوق الاربعة تريلون دولار.
و الامر الخطير و المرجح فى ذلك كله ان تكون بالونة القانون هى جزء من الفعل الامريكى البعيد حتى و ان تم رفض تمرير القانون حاليا، ويمكن القول بأن ما يحدث هو كشف نوايا متبادل و مبكرلأدارة صراع الطاقه فى السبعين عاما المقبله التى تمثل عمر الاحتياطى النفطى للسعوديه حتى الان.
هذا الاحتياطى الذى تمتلكه شركة ارامكو السعودية العملاقه بنحو 261 مليار برميل …فعمليه طرح اقل من 5 % من ارامكو كمرحله اولى و تأسيس صندوق استثمارى بقيمة 2 تريليون دولار تضيف الى الممكله قوة كبيره بتحكمها فى 10 % من استثمارات العالم ككل و هذا يقلق القوى الاقتصاديه فى العالم اذا كان رد الفعل السعودى على قانون امريكى بتلك الصوره العلانيه و الصريحه …
و رغم الصعوبات الفنيه لبيع الكم الهائل من الاصول السعوديه فى امريكا و تضرر مجموع الاقتصاد العالمى بذلك الا انه يظل احتمالا واردا و مقلقا .. فانفجار بالونة قانون سبتمبر ليس فى صالح احد … و يبقى الامر مرهونا بعادة السياسه الامريكيه التى تتراجع خطوات مزيفه للخلف لتوهم الطرف الاخر بصحة موقفه ثم تدور لعبة تبدو جديده و لكنها تخدم و تحقق اهدافا قديمه و التاريخ شاهد على ذلك.
CNA– مقال بقلم ،، محمد مهدى عبد النبى، وسيط مالى معتمد بالبورصة المصرية