محمد عبد العال يكتب: مباراة صناعة الحديد والصلب
مباراة شديدة المراس، تدور رُحاها الآن على أرض استاد صناعة الحديد والصلب المصرية ، وبدأت فاعليات المعركة عقب صدور قرار وزارة التجارة بفرض رسوم وقائية مؤقتة لمدة ستة اشهر ،بنسبة ٢٥% علي واردات حديد التسليح والصلب ، وبنسبة 15% على واردات البيليت ( خام الحديد )، والهدف هو حماية الصناعة والإنتاج المحلى من المنافسة غير العدالة للمنتج الأجنبي.
يتنافس الآن فريقان ، ويتابع المباراة جمهور المستهلكين ، وفريق تحكيم متميز، واليكم وصف غير تفصيلى لأحداث المباراة حتى الآن :
الفريق الاول ـ وهم اصحاب مصانع درفة الحديد الذين يعتمدون علي البيليت المستورد فى إنتاجهم، وهم متضررون من القرار لانه يرفع من تكاليف مستلزمات الانتاج وبالتالي تتقلص قدرتهم التنافسية السعرية في السوق ، وهم حوالى ٢٢مصنع يعمل بها نحو مائة الف عامل باستثمارات تصل الى خمسون مليار جنية ، ويقولون ان استمرار هذا القرار قد يهدد مصانعهم بالتوقف ….
الفريق الثاني ـ وهم اصحاب المصانع الكبيرة المتكاملة الذين يعتمدون علي البيليت المنتج محلياً ، وفرض الرسوم الجديدة يمنحهم ميزة سعرية تنافسية في السوق ، خاصة بعد ان فرضت الولايات المتحدة. رسوما على وارداتها من حديد التسليح ، الامر الذى أدى الى زيادة عرض الحديد في الاسواق العالمية . ويردد اصحاب هذا الفريق ان عدم إتباع مصر سياسات وقائية مثلما تفعل معظم دول العالم من الممكن ان يؤثر سلباً علي كيان تلك الصناعةالاستراتجية . .
جمهور المستهلكين – وهو في حقيقة الامر وان كان ليس له ذنب فى احداث وكواليس تلك المعركة ،إلا انه في كل الحالات ، وأياً كان المنتصر، هو فى النهاية الخاسر الحقيقى ، فالمستهلك هو الوحيد الذي يتحمل القدر الأكبر من أي إرتفاع فى تكاليف الانتاج أيا كان مصدرها وايا كان نوعها ..
فريق التحكيم – وهم بمثابة اتحاد اللعبة ويتشكلون من وزارة التجارة ووزارة الماليةوغرف التجارة والصناعة المختصةوغرف الصناعة المعدنية وقطاع المعالجات التجارية ( جهاز مكافحة الإغراق سابقا ) هذا الفريق ، رغم الجهد المبذول سواء فى البحث او التحقيق او المتابعة ، الا اننا نراه فى خضم تلك المعركة حائراً بين وجهات نظر الفرق المختلفة متباينة ومتضاربة المصالح . وبين مستهلك يُعانى من تقاطر ارتفاعات غير مبررة فى الاسعار ، وشكاوى وقضايا ترفع من الجميع وترفض حتى الحلول الوسط .
اننا فعلا فى حاجه الى ان تكون حزمة التعاون القادمة بعد انتهاء اتفاق برنامج الإصلاح الاقتصادى المنسق مع صندوق النقد الدولي ، ليست مادية وإنما نتطلع الى الدعم الفنى والهيكلى ، حين إذن يمكن ان نجد توضيحات وإجابات صريحة وشفافةومحايدة لمثل هذا السؤال :
هل أَصلح أن تتبنى مصر استراتجية اقتصادية تقوم،على التخصص في انتاج السلع والخدمات التى تتمتع فيها بميزة نسبية لأغراض الاستهلاك المحلى والتصدير، حيث تكون الكلفة اقل والجودة أفضل والدخل اكثر ، ومن ثم تعتمد على استيراد حاجتها من السلع الاخرى من الدول التى تتمتع فيها بميزة نسبية أفضل حيث. تكون الكلفة اقل والجودة أفضل والمكاسب المتبادلة متعاظمة؟؟..
CNA– مقال بقلم،، محمد عبد العال، الخبير المصرفي وعضو مجلس إدارة البنك العربي