تقرير .. رفع سعر الجنيه .. لكمة فى وجه السوق السوداء
فاجأ البنك المركزى ،الجميع،الاسبوع الماضى،برفع سعر صرف الجنيه أمام الدولار بقيمة 20 قرشَا مرة واحدة فى عطاء دولارى طرحه أمام البنوك،حيث يطرح البنك المركزى ثلاث عطاءات دولارية اسبوعيًا من أجل توفير السيولة للبنوك لفتح اعتمادات الاستيراد للسع الهامة والضرورية.
وقد سادت حالة من الإضطراب السوق نتيجة عدم توقع القرار، الذى يأتى بعد أسابيع قليلة من تخفيض قيمة العملة الوطنية أمام الدولار بقيمة مماثلة (20 قرشَا)،وللوهلة الأولى يعكس القرار أن سياسات البنك المركزى بدأت فى اتخاذ اتجاهًا أخر وطريقًا آخر لمواجهة السوق السوداء.
وفى هذا السياق لابد من الإشارة إلى أن هشام رامز،محافظ البنك المركزى، قد ترك منصبه فعليًا،رغم أن المقرر قانونيًا أن يستمر ليوم 26 نوفمبر، إلا أنه أوكل مهام منصبه لنائبه جمال نجم،الذى بدوره لن يتخذ قرارات حاسمة فى هذه الفترة،الأمر الذى يشير إلى أنه تم إتاحة الفرصة لطارق عامر،محافظ البنك المركزى الجديد،والذى كان مقررًا أن يبدأ عمله فى 27 نوفمبر،أن يبدأ مهام عمله بشكل غير رسمى قبل موعد تولّيه وأنه صاحب قرار رفع سعر صرف الجنيه.
وبالنظر إلى الرابحين والخاسرين من القرار، فطبقًا للخبراء، يأتى القرار ليحقق مكسبًا للدولة،وهو إعادة الثقة فى الاقتصاد الوطنى من جهة، و مكسبًا للمصنعين الذين سيتم توفير الدولار لهم بسعر أقل مما يساهم فى إنقاذ عدد كبير من المصانع من الإنهيار، إلى جانب إحداث حالة من الإرتياح لدى المستوردين،ومن ثم المساهمة فى مواجهة إرتفاع التضخم،أما الخاسرون من القرار فيأتى على رأسهم المضاربين فى السوق السوداء،والذين تضرروا بشدة نتيجة القرار،والذى دعّمه رفع البنوك أسعار الفائدة على الحسابات بالجنيه إلى 12.5%،وهو ما قلل الطلب على الدولار بالسوق الموازية،ولجّم أسعاره.
وتأتى البورصة لتنضم إلى الخاسرين ،بشكل مؤقت، ،وذلك نتيجة تأثير القرار على توجهات المستثمرين الأجانب الذين شعروا بعدم الاستقرار فى السياسة النقدية،وتسبب القرار فى تعميق خسائرهم،بعد أن شهد السوق خلال الأسبوع الماضى تراجعات حادة كانت ناتجة عن التوقعات السلبية لقطاع السياحة الذى تضرر بشدة بعد حظر السفر من روسيا وبريطانيا،حيث يتوقع أن تصل خسائر الاقتصاد المصرى نتيجة ذلك 2 مليار جنيه شهريا (280 مليون دولار) وهو مؤشر سلبى.
ومن جانبه قال د.شريف دلاور،الخبير الاقتصادى، إن القرار جيد في هذا التوقيت ،وخاصة أن البنوك ستستخدم ضخ البنك المركزي من خلال العطاءات الدولارية الأسبوعية في تلبية احتياجات المصانع المتوقفة بسعر للدولار لا يؤدي الي مزيد من ارتفاع الأسعار .
وأوضح أن القرار يطمئن المصريين في الخارج الذين توقفوا عن التحويل ترقبا لارتفاع آخر في الدولار وخاصة أن مصدر النقد الأجنبي منهم هو حاليا الأساسي نظرا لمحنة السياحة وكما أدى ذلك الي انخفاض 25 قرشًا للدولار في السوق الموازية .
وحذّر “دلاور” من استمرار هذه السياسة من خلال استهلاك الاحتياطي لمساندة الجنيه وهنا تأتي دور السياسات المالية للحكومة المكملة للسياسة النقدية للبنك الركزي ( هيكلة الصناعة والتجارة الداخلية ، إعادة تفعيل قانون فرض ضرائب علي أرباح البورصة وغير ذلك ) وإذا لم يتم وضع حزمة متكاملة من السياسات المالية والنقدية واضحة المعالم فانه لا مفر من انخفاض عملتنا الوطنية.
ويحاول البنك المركزى أن يحدث صدمة عرض للدولار ، فى الأيام القلية المقبلة،وذلك من أجل إحداث التوازن المنشود لسعر صرف الجنيه أمام الدولار.
وفى هذا الإطار تعهد البنك المركزى بضخ 4 مليارات دولار خلال الأسابيع القليلة المقبلة للوفاء باحتياجات المصنعين الممثلة فى استيراد المواد الخام ،والإفراج عن السلع الموجودة فى الموانىء، ذلك ما أعلنه محمد السويدى،رئيس اتحاد الصناعات، فى تصريحات له.
وأعلن البنك المركزى ، عن زيادة احتياطى النقد الأجنبى لديه بقيمة 80 مليون دولار ليسجل 16.4 مليار دولار فى نهاية اكتوبر الماضى.
وطبقًا لمحمد السويدى،فإن إجراء البنك المركزى سينقذ الصناعة من الانهيار،موضحًا أن صناعة الدواجن مثلًا تعانى مشكلات كبرى فى الوقت الراهن، بسبب عدم القدرة على استيراد الأعلاف وهو ما أدى إلى زيادة سعر العلق بنسبة 100%، فضلا على أن هناك بعض المزارع توقفت عن الإنتاج.
وإلى جانب توفير 4 مليارات دولار لقطاع الصناعة،فقد قرر البنك المركزى كذلك طرح أذون خزانة باليورو وذلك من أجل تعزيز حجم الاحتياطى النقدى بقيمة 700 مليون يورو،وهو ما يعزز من زيادة الاحتياطى النقدى وقدرته على الوفاء باحتياجات السوق،بعد أن تراجعت تغطية الاحتياطى للواردات السلعية إلى ما يقل عن ثلاثة أشهر ونصف الشهر.
CNA– الخدمة الإخبارية